للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: قد وجبَ عليك الحدُّ، فقال: قد درأَ الله الحدَّ عنِّي بقولهِ: (﴿وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ﴾) حيث وصفَهم بالكذبِ، والخلف في الوعد، ثمَّ استثنى الشُّعراء المؤمنين الصَّالحين بقولهِ: (﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾) كعبد الله بنِ رواحة، وحسَّان بن ثابتٍ، وكعبِ بن زهير، وكعبِ بن مالك (﴿وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيرًا﴾) يعني كان ذكرُ الله وتلاوةُ القرآن أغلب عليهم من الشِّعر، وإذا قالوا شعرًا قالوه في توحيدِ الله، والثَّناء عليه، والحكمة والموعظة والزُّهد والأدب، ومدح رسول الله والصَّحابة وصلحاء الأمَّة ونحو ذلك ممَّا ليس فيه ذنبٌ (﴿وَانتَصَرُوا﴾) وهجوا (﴿مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا﴾) هجوًا، أي: ردُّوا هجاء من هجا رسولَ الله والمسلمين، وأحقُّ الخلق بالهجاءِ من كذَّب رسول الله وهجاهُ. وعن كعب بن مالكٍ: أنَّ رسول الله قال له: «اهجُهم فوالَّذي نفسِي بيده لهو أشدُّ عليهم من النَّبل» وكان يقول لحسَّان: «قلْ وروحُ القُدس معك» وختم (١) السُّورة بما يقطع أكبادَ المتدبِّرين، وهو قوله: (﴿وَسَيَعْلَمُ﴾) لِمَا (٢) فيه من الوعيدِ البليغ، وقوله: (﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾) وإطلاقه (٣)، وقوله: (﴿أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤ - ٢٢٧]) وإبهامهُ. قال ابنُ عطاء: سيعلمُ المُعْرض عنَّا ما الَّذي فاته منَّا، وقوله: ﴿أَيَّ﴾ نصب بـ ﴿يَنقَلِبُونَ﴾ على المصدرِ لا بـ ﴿وَسَيَعْلَمُ﴾ لأنَّ أسماء الاستفهامِ لا يعملُ فيها ما قبلها، أي: ينقلبون أيَّ انقلابٍ، وسياق الآية إلى آخر السُّورة ثابتٌ في رواية كريمةَ والأَصيليِّ، ووقع في رواية أبي ذرٍّ بعد قولهِ: ﴿الْغَاوُونَ﴾ أن قال: «إلى آخر السُّورة». ثمَّ قال: «وقولهِ: ﴿وَأَنَّهُمْ﴾» وذكر: «إلى آخر السُّورة» كذا في الفرع وأصله (٤)، وفيه أيضًا على قولهِ: «﴿وَأَنَّهُمْ﴾ … إلى آخر السُّورة» علامة السُّقوط لأبي ذرٍّ أيضًا. وقال الحافظ ابن حجرٍ وتبعه العينيُّ: ووقع في رواية أبي ذرٍّ بين قوله: ﴿يَهِيمُونَ﴾ وبين قولهِ: ﴿وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ﴾ لفظ: «وقوله» وهي (٥) زيادةٌ لا يحتاجُ إليها (٦).


(١) في (د): «ختم».
(٢) في (س): «وما».
(٣) في (ع): «إطلاق».
(٤) قوله: «وأصله»: ليس في (د) و (ع).
(٥) في (د): «وهو».
(٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>