للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«شرح المشكاة»: هي استعارةٌ لأنَّ المشبَّه به غير مذكورٍ، والقرينة حاليَّة لا مقاليَّة، ولفظ الكسر ترشيحٌ لها.

(قَالَ أَبُو قِلَابَةَ) عبد الله الجرميُّ -بالسَّند السَّابق-: (فَتَكَلَّمَ النَّبِيُّ بِكَلِمَةٍ، لَوْ تَكَلَّمَ بِهَا بَعْضُكُمْ لَعِبْتُمُوهَا عَلَيْهِ) ثبت لفظ: «بها» لأبي ذرٍّ (قَوْلُهُ: سَوْقَكَ بِالقَوَارِيرِ).

قال في «الكواكب»: فإن قلتَ: هذه استعارةٌ لطيفةٌ بليغةٌ فلِمَ تعاب؟ وأجاب: بأنَّه لعلَّه نظر إلى أنَّ شرط الاستعارة أن يكون وجه الشَّبه جليًّا بين الأقوام، وليس بين القارورةِ والمرأة وجه شبهٍ ظاهرٍ، والحقُّ أنَّه كلامٌ في غايةِ الحُسن والسَّلامة عن العيوبِ، ولا يلزمُ في الاستعارةِ أن يكون جلاء وجهِ الشَّبه (١) من حيث ذاتهما، بل يكفِي الجلاءُ الحاصلُ من القرائنِ الحاصل للوجه جليًّا ظاهرًا (٢)، كما في المبحثِ، فالعيبُ في العائب:

وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلًا صَحِيْحًا … وَآفَتُهُ مِنَ الفَهْمِ السَّقِيمِ

قال: يحتملُ أن يكون قصدُ أبي قِلابة أنّ هذه الاستعارة تحسُن من مثلِ رسولِ الله في البلاغةِ، ولو صدرتْ ممَّن لا بلاغةَ له لعبتموها، قال: وهذا هو اللَّائق بمنصبِ أبي قلابة، وقال الدَّاوديُّ: هذا قاله أبو قِلابةَ لأهل العراقِ لما كان عندهم من التَّكلُّف ومعارضة الحقِّ بالباطلِ.

ومطابقةُ الأحاديثِ لما ترجمَ عليه (٣) ظاهرةٌ. فإن قلت: قد نفى الله تعالى عنه في كتابه أن يكون شاعرًا، وفي الأحاديث أنَّه أنشد الشِّعر واستنشدَه؟ أُجيب بأنَّ المنفيَّ في الآية إنشاءُ الشِّعر لا إنشاده، ولا يقالُ لمن قاله متمثِّلًا أو جرى على لسانه موزونًا من غير قصدٍ: إنَّه شاعرٌ،


(١) في (ص) و (ل): «الوجه»، وفي (ع) وهامش (ل) من نسخة: «وجه التشبيه».
(٢) قوله: «الحاصل للوجه جليًّا ظاهرًا»: زيادة من (ص) و (ع). وعبارة الكواكب: «من القرائن الجاعلة للوجه … ».
(٣) في (ص) و (ل): «له».

<<  <  ج: ص:  >  >>