للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان مسلمًا أو ذميًّا، قريبًا كان (١) للعائدِ أو جارًا له وفاء بصلة الرَّحم وحقِّ الجوار (وَاتِّبَاعِ الجِنَازَةِ) بكسر الجيم في الفرع بالمشي خلفها، وبه قال الحنفيَّة. وعند الشَّافعيَّة: الأفضلُ المشيُ أمامها، وحملوا قوله: اتِّباع الجنازة على الأخذ في طريقها والسَّعي لأجلها، وإنَّما ألجأهم لذلك حديث ابن عمر عند أبي داود أنَّه رأى النَّبيَّ وأبا بكرٍ وعمر يمشون أمامَ الجنازة (وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ) أي: إذا حمد الله، كما قال في حديث الباب التَّالي [خ¦٦٢٢٣] «فإذا عطسَ فحمدَ الله، فحقٌّ على كلِّ مسلمٍ سمعه أن يشمِّته» وهو كقولهِ: أمرنا ظاهرٌ في الوجوب، بل عند البخاريِّ من حديث أبي هريرة: «خمسٌ تجبُ على المسلمِ للمسلم» [خ¦١٢٤٠] فذكر فيها التَّشميت، وهو عند مسلمٍ أيضًا، وقال به جمهورُ أهل الظَّاهر، وقال أبو عبد الله في «بهجة النفوس»: قال جماعةٌ من علمائنا -أي: المالكيَّة- إنَّه فرضُ عينٍ، وقوَّاه ابن القيِّم في «حواشي السنن» بأنَّه جاء بلفظ الوجوب الصَّريح، وبلفظ الحقِّ الدَّالِّ عليه، وبصيغة الأمر الَّتي هي حقيقة فيه، وبقول الصَّحابيِّ: أَمَرَنا رسول الله . قال: ولا ريب أنَّ الفقهاءَ يثبتون وجوب أشياء كثيرةٍ بدون مجموع هذه الأشياء. وقال قومٌ: هو فرض كفايةٍ يسقطُ بفعل البعض، ورجَّحه أبو الوليد بن رشد (٢)، وقال به الحنفيَّة وجمهور الحنابلة. وقال الشَّافعيَّة: مستحبٌّ على الكفايةِ، وقد خصَّ من عموم الأمر من لم يحمد، كما يأتي إن شاء الله تعالى، والكافر كما في رواية أبي داود وصحَّحه الحاكم عن أبي موسى أنَّ اليهود كانوا يتعاطسون عنده رجاءَ أن يقول: يرحمكم الله، فكان يقول: «يهديكم الله ويصلح بالكم».

وإذا تكرَّر منه العطاس فزاد على الثَّلاث، ففي حديث أبي هريرة عند البخاريِّ في «الأدب المفرد» قال: يشمِّته واحدة واثنتين وثلاثًا، فما كان بعد ذلك فهو زُكام.

وروي مرفوعًا عن عبد الله بن أبي بكرٍ عن أبيه مرفوعًا أخرجه في «الموطأ». وهل يقول لمن تتابع عطاسه: أنت مزكومٌ في الثَّانية، أو في الثَّالثة، أو الرَّابعة؟ أقوالٌ، والصَّحيح في الثَّالثة، ومعناه أنَّك لست ممَّن يشمَّت بعدها؛ لأنَّ الَّذي بك مرضٌ، وليس من العُطاس المحمودِ النَّاشئ عن خِفَّة (٣) البدن فيدعى له بالعافية، وكذا يخصُّ في العموم من كره التَّشميت،


(١) «كان»: ليست في (د) و (ص) و (ع).
(٢) في (د): «رشيد».
(٣) في (ب): «خفية».

<<  <  ج: ص:  >  >>