للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يا رسولَ الله هذا السَّلام، فما الاستئناس؟ قال: «يتكَلَّمُ الرَّجلُ بتسبِيحَةٍ أو تكبِيرَةٍ ويتَنَحنَحُ، فيؤذِنُ أهل البيتِ» وأخرج الطَّبريُّ من طريقِ قتادة، قال: الاستئناسُ هو الاستئذانُ ثلاثًا، فالأُولى ليسمع، والثَّانية ليتأهَّبوا له، والثَّالثة إن شاؤوا أذنوا له وإن شاؤوا ردُّوا. وقال البيهقيُّ: معنى ﴿حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ تستبصروا (١) ليكون الدُّخول على بصيرةٍ، فلا يُصادف (٢) حالةً يكره صاحبُ المنزل أن يطَّلعوا عليها (﴿وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾) بأن تقولوا: السَّلام عليكم أأدخل ثلاث مرَّاتٍ، فإن أذن وإلَّا رجع، وهل يقدَّم السَّلام أو الاستئذان؟ الصَّحيح تقديمُ الاستئذان (٣). وأخرج أبو داود وابنُ أبي شيبة بسندٍ جيِّدٍ عن ربعيِّ بن حراشٍ: حدَّثني رجلٌ أنَّه استأذنَ على النَّبيِّ وهو في بيتهِ، فقال: أألج؟ فقال لخادمهِ: «اخرجْ إلى هذا فعلِّمه». فقال: قل: السَّلام عليكم أألج؟ … الحديث. وصحَّحه الدَّارقطنيُّ، وعن الماورديِّ: إن وقعت عينُ المستأذن على صاحبِ المنزلِ قبل دخوله قدَّم السَّلام وإلَّا قدَّم الاستئذان (﴿ذَلِكُمْ﴾) أي: الاستئذان والتَّسليم (﴿خَيْرٌ لَّكُمْ﴾) من تحيَّة الجاهليَّة والدُّخول بغير إذنٍ، وكان الرَّجل من أهل الجاهليَّة إذا دخلَ بيت غيره يقول: حُيِّيتم صباحًا وحُيِّيتم مساءً، ثمَّ يدخل، فربَّما أصاب الرَّجل مع امرأتهِ في لحافٍ واحدٍ (﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾) أي: قيل لكم هذا لكي تذكَّروا وتتَّعظوا وتعملوا بما أُمِرتُم به في باب الاستئذان، وينبغي للمستأذنِ أن لا يقفَ تلقاءَ الباب بوجههِ، ولكن ليكنْ الباب عن يمينهِ أو يسارهِ؛ لحديث أنسٍ عند (٤) أبي داود، قال: كان رسولُ الله إذا أَتى باب قومٍ لم يستقبلْ الباب من تلقاء وجههِ، ولكن من ركنهِ الأيمن أو الأيسر، فيقول: «السَّلام عليكم، السَّلام عليكم»، وذلك أنَّ الدُّور لم يكن عليها يومئذٍ ستورٌ. تفرَّد به أبو داود (﴿فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا﴾) في البيوت (﴿أَحَدًا﴾) من الآذنين (﴿فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾) حتَّى تجدوا مَن يأذن (٥) لكم، أو فإن لم تجدوا فيها أحدًا من أهلها ولكم فيها حاجة فلا تدخلوها إلَّا بإذنِ أهلها؛ لأنَّ التَّصرُّف في ملكِ الغير لا بدَّ من (٦) أن يكون برضاه (﴿وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا﴾)


(١) في (د) و (ص) و (ع): «يستأنسوا: يستبصروا».
(٢) في (د): «يصادفوا».
(٣) في (ص) و (ل): «السَّلام»، وفي (د) و (ع): «يقدِّم الأوَّل».
(٤) في (ب): «عن».
(٥) في (د): «يؤذن».
(٦) «من»: ليست في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>