للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليك؛ لأنَّ السَّلام اسم الله فينبغِي أن لا يقدَّم عليه شيءٌ، وعن بعض الشَّافعيَّة أنَّ المبتدِئ لو قال: عليك السَّلام، لم يجز، وثبت أيضًا بتأخيره فيقول: عليك السَّلام (١) وبلفظ الإفراد. وقال بعضهم: لا يقتصر على الإفراد بل يأتي بصيغة الجمع، ففي «الأدب المفرد» من طريق معاوية بن قُرَّة قال لي أبي: إذا مرَّ بك الرَّجل فقال: السَّلام عليكم، فلا تقل: وعليك السَّلام، فتَخُصَّه وحده، وسنده صحيحٌ. ولو وقع الابتداء بلفظ الجمعِ فلا يكفي الرَّدُّ بالإفراد؛ لأنَّ صيغة الجمع تقتضي التَّعظيم، فلا يكون امتثل الرَّدَّ بالمثل (٢) فضلًا عن الأحسنِ، كما نبَّه عليه الشَّيخ تقيُّ الدِّين. وقال آخرون: لا يحذف الواو في الرَّدِّ بل يجيبُ بواو العطف فيقول: وعليك. وقال قومٌ: يكفي في الجوابِ أن يقتصرَ على عليك بغير لفظ: السَّلام.

قال النَّوويُّ: الأفضلُ أن يقول: السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فيأتي بضميرِ الجمع وإن كان المسلَّم عليه واحدًا، ويقول المجيبُ: وعليكم السَّلام ورحمة الله وبركاته، ويأتي بواو العطف في قوله: وعليكم، وأقلُّ السَّلام أن يقول: السَّلام عليكم، فإن قال: السَّلام عليك حصل أيضًا، وأمَّا الجواب فأقلُّه: وعليك السَّلام أو وعليكم السَّلام، فإن (٣) حذف الواو أجزأهُ، واتَّفقوا على أنَّه لو قال في الجواب: عليكم، لم يكن جوابًا، فلو قال: وعليكم، بالواو فهل يكون جوابًا؟ فيه وجهان. وقال الواحديُّ: في تعريف السَّلام وتنكيره بالخيارِ. وقال النَّوويُّ: بالألف واللَّام أولى، ولو تلاقى رجلان وسلَّم كلُّ واحدٍ منهما على صاحبهِ دفعةً واحدةً أو أحدهما بعد الآخر، فقال القاضي حسين (٤) وأبو سعيدٍ المتولِّي: يصير كلُّ واحدٍ منهما مبتدئًا بالسَّلام، فيجب على كلِّ واحدٍ أن يردَّ على صاحبه.

وقال الشَّاشيُّ: فيه نظرٌ فإنَّ هذا اللَّفظ يصلح للجوابِ، فإذا كان أحدهما بعد الآخر كان جوابًا، وإن كان دفعةً واحدةً لم يكن جوابًا، قال: وهو الصَّواب، فإذا (٥) قال المبتدئ: وعليكم السَّلام. قال المتولي: لا يكون ذلك سلامًا فلا يستحقُّ جوابًا، ولو قال بغير واو فقطع


(١) في (د): «السلام عليك».
(٢) «بالمثل»: ليست في (ص).
(٣) في (ب) و (س): «فإذا».
(٤) في (ع): «حصين».
(٥) في (د): «وإذا»، كذا في شرح المشكاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>