للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الواحديُّ بأنَّه سلامٌ يتحتَّم (١) على المخاطب به الجواب، وإن كان قد قلب اللَّفظ المعتاد وهو الظَّاهر، وقد جزمَ به إمام الحرمين. انتهى.

فإن قلت: ما الفرقُ بين قولك: سلامٌ عليكم، والسَّلام عليكم؟ أُجيب بأنَّه لا بدَّ للمعرَّف باللَّام من معهودٍ إمَّا خارجيٍّ أو ذهنيٍّ، فإن قيل بالأوَّل كان المراد الَّذي سلَّمه آدم على الملائكة في قوله : «قالَ (٢) لآدمَ: اذهَبْ فسلِّم على أولئِكَ النَّفر فإنَّها تحيَّتُك وتحيَّةُ ذُرِّيتكَ» [خ¦٦٢٢٧] وإن قيل بالثَّاني كان من (٣) جنس السَّلام الَّذي يعرفه كلُّ واحدٍ (٤) من المسلمين أنَّه هو، فيكون تعريضًا (٥) للفرق بين توارد (٦) السَّلامين معًا وبين ترتُّب (٧) أحدهما على الآخر، وذلك أنَّه إذا تواردا كان الإشارة منهما إلى أحدِ المعنيين المذكورين فلا يحصل الرَّدُّ، وإذا تأخَّر كان المشار إليه ما تلفَّظ به المبتدئ فيصحُّ الرَّدُّ، وكأنَّه قال: السَّلام الَّذي وجَّهته إليَّ فقد رددتُه عليك، وقد ذهبَ إلى مثل هذا الفرق في التَّعريف والتَّنكير الزَّمخشريُّ في سورة مريم في قول عيسى: ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ﴾ [مريم: ٣٣] وقد جرت عادةُ بعضهم بالسَّلام عند المفارقة، فهل يجبُ الرَّدُّ أم لا؟ قال القاضي حسين والمتولِّي: يستحبُّ لأنَّه دعاءٌ، ولا يجب لأنَّ التَّحيَّة إنَّما تكون عند اللِّقاء لا عند الانصراف. وأنكرهُ الشَّاشيُّ، وقال: السَّلام سنَّةٌ عند الانصراف، كما هو سنَّةٌ عند اللِّقاء، فكما يجب الرَّدُّ عند اللِّقاء كذلك عند الانصراف، وهذا هو الصَّحيح.

(تنبيه) إذا سلَّم على أصمَّ فيتلفَّظ (٨) بالسَّلام لقدرتهِ عليه، ويشيرُ باليد ليحصلَ الإفهام ويستحقَّ الجواب، فلو لم يجمع بينهما لا يستحقُّ الجواب، ولو سلَّم عليه أصمُّ فيتلفَّظ بالرَّدِّ ويشيرُ باليد، ولو سلَّم على أخرسَ وأشار الأخرس باليد سقطَ الفرض لأنَّ إشارته قائمةٌ مقام


(١) في (ص): «فيتحتم».
(٢) في (ع): «قال الله».
(٣) «من»: ليست في (د).
(٤) في (ع) و (د): «أحد».
(٥) في (ص): «تعريفًا». وفي شرح المشكاة: «فيكون تعريضًا بأن ضده لغيرهم من الكفار، فظهر من هنا الفرق … ».
(٦) في (ع): «موارد».
(٧) في (ب) و (د): «ترتيب».
(٨) في (ص) هنا والموقع التالي: «فتلفظ».

<<  <  ج: ص:  >  >>