للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه، وواعدْتُ من الإيمانِ بك وإخلاص الطَّاعة لك (مَا اسْتَطَعْتُ) من ذلك، وفيه الإشارةُ إلى أنَّ (١) الاعترافَ بالعجزِ والقصور عن (٢) كُنْهِ الواجبِ من حقِّه تعالى، وقد يكون المراد -كما قاله ابن بطَّال- بالعهد: العهد الَّذي أخذهُ الله على عبادهِ، حيث أخرجهم أمثال الذَّرِّ وأشهدَهم على أنفسهم ﴿أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: ١٧٢] فأقرُّوا له بالرُّبوبيَّة وأذعنُوا له بالوحدانيَّة، وبالوعدِ ما قال على لسانِ نبيِّه : «إنَّ مَن ماتَ لا يشرِكُ باللهِ شيئًا، وأدَّى مَا افتُرِضَ عليهِ أن يُدخلهُ (٣) الجنَّة» (أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ) بضم الموحدة وسكون الواو بعدها همزة ممدودًا، أعترفُ (لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ بِذَنْبِي) أعترفُ به، أو أحملهُ برَغْمِي (٤) فلا أستطيعُ صرفَه عنِّي، ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: «وأبوءُ لك بذَنبي» (اغْفِرْ لِي) ولأبي ذرٍّ: «فاغفرْ لي» بزيادة فاء (فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ) قال في «شرح المشكاة»: اعْتَرفَ أوَّلًا بأنَّه أنعم عليه ولم يقيِّده ليشمل كلَّ إنعامٍ (٥)، ثمَّ اعترفَ بالتَّقصير وأنَّه لم يقمْ بأداءِ شكرهَا، وعدَّه ذنبًا مبالغةً في التَّقصير وهضمِ النَّفس. انتهى.

قال في «الفتح»: ويُحتمل أن يكون قوله: «وأبوء لك بذنبي» اعترافًا (٦) بوقوع الذَّنب مطلقًا ليصحَّ الاستغفار منه، لا أنَّه (٧) عدَّ ما قصَّر فيه من أداء النِّعم ذنبًا.

(قَالَ) : (وَمَنْ قَالَهَا) أي: الكلمات (مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا) مخلصًا (بِهَا) من قلبهِ مصدِّقًا بثوابها (فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ) الدَّاخلين لها ابتداءً من غير دخولِ النَّار؛ لأنَّ الغالبَ أنَّ المؤمن بحقيَّتها المؤمنَ بمضمونها لا يعصِي الله تعالى، أو أنَّ الله يعفو عنه ببركةِ هذا الاستغفار، قاله في «الكواكب» (وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُوقِنٌ) مخلصٌ (بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ،


(١) في (س): «فيه إشارة إلى».
(٢) في (ع): «من».
(٣) في (ص): «يدخل».
(٤) في (ع): «بذنبي»، «برغمي»: ليست في (د).
(٥) في (ب) و (س): «النعم»، وفي (د): «الإنعام».
(٦) في (د): «اعتراف».
(٧) في (ب): «لأنه».

<<  <  ج: ص:  >  >>