للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَهْوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ) ويحتمل أن يكون هذا فيمن (١) قالها وماتَ قبل أن يفعلَ ما يغفر له به ذنوبه.

وقال في «بهجة النُّفوس»: من شروط الاستغفار صحَّةُ النِّيَّةِ والتَّوجُّه والأدب، فلو أنَّ أحدًا حصَّل الشُّروط واستغفرَ بغير هذا اللَّفظ الواردِ، واستغفر (٢) آخر بهذا اللَّفظ الوارد (٣)، لكن أخلَّ بالشُّروط هل يتساويان؟ والَّذي يظهر أنَّ اللَّفظ المذكور إنَّما يكون سيِّد الاستغفار إذا جمعَ الشُّروط المذكورة. قال: وقد جمعَ هذا الحديث من بديعِ المعاني وحُسن الألفاظِ ما يحقُّ له أن يسمَّى سيِّد الاستغفارِ، ففيه الإقرارُ لله وحدَهُ بالإلهيَّة والعبوديَّة والاعتراف بأنَّه الخالقُ، والإقرارُ بالعهد الَّذي أخذَهُ عليه، والرَّجاء بما وعدَه به، والاستعاذةُ من شرِّ ما جَنى العبدُ على نفسه، وإضافةُ النَّعماء إلى مُوجدها، وإضافةُ الذَّنب إلى نفسهِ ورغبتهُ في المغفرةِ (٤)، واعترافُه بأنَّه لا يقدر أحدٌ على ذلك إلَّا هو، وفي ذلك الإشارة إلى الجمع بين الشَّريعة والحقيقة (٥)، وأنَّ تكاليف الشَّريعة لا تحصلُ إلَّا إذا كان في ذلك عون من الله تعالى. انتهى.

وقال في «الكواكب»: لا شكَّ أنَّ في الحديثِ ذكر الله تعالى بأكملِ الأوصاف، وذكر العبد نفسَه بأنقص الحالاتِ، وهي أقصى غاية التَّضرُّع ونهاية الاستكانة لمن لا يستحقُّها إلَّا هو، أمَّا الأوَّل فلما فيه من الاعترافِ بوجود الصَّانع وتوحيدِه الَّذي هو أصل الصِّفات العدميَّة (٦) المسمَّاة بصفات الجلالِ، والاعتراف بالصِّفات السَّبعةِ الوجوديَّة المسمَّاة بصفاتِ الإكرام، وهي القدرةُ اللَّازمة من الخلق الملزومةُ للإرادةِ والعلم والحياة، والخامسة الكلام اللَّازم من الوعد والسَّمع والبصر اللَّازمان من المغفرة؛ إذ المغفرة للمسموع والمبصَر لا يُتَصوَّر إلَّا بعد السَّماع والإبصار، وأمَّا الثَّاني فلِمَا فيه أيضًا من الاعترافِ بالعبوديَّة وبالذُّنوب في مقابلةِ النِّعمة الَّتي تقتضِي نقيضَها وهو الشُّكر. انتهى.

والحديثُ أخرجه النَّسائيُّ في «الاستعاذةِ»، وفي اليوم واللَّيلة.


(١) في (د): «ممن».
(٢) قوله: «بغير هذا اللفظ الوارد واستغفر»: ليس في (ص) و (ع).
(٣) «واستغفر آخر بهذا اللفظ الوارد»: ليست في (د).
(٤) في (ع) و (د): «بالمغفرة».
(٥) «والحقيقة»: ليست في (ع).
(٦) في (ع) و (د): «القدسية» والمثبت موافق للكواكب.

<<  <  ج: ص:  >  >>