للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أيضًا: إنَّ الجزم ليس بشيء إذ لو أراد ذلك لقال: ثمَّ (١) لا يغتسلنَّ لأنَّه إذ ذاك يكون عطف فعلٍ على فعلٍ، لا عطف جملةٍ على جملةٍ، وحينئذٍ يكون الأصل مساواة (٢) الفعلين في النَّهي عنهما (٣) وتأكيدهما بالنُّون المشدَّدة (٤)، فإنَّ المحلَّ الذي تواردا (٥) عليه شيءٌ واحدٌ وهو «الماء»، فعدوله عن «ثم لا يغتسلنَّ (٦)» إلى (٧) «ثمَّ يغتسل» دليل على أنَّه لم يُرِد العطفَ، وإنَّما جاء «ثمَّ يغتسل» على التَّنبيه على مآل الحال، ومعناه: أنَّه إذا بال فيه قد يحتاج إليه، فيمتنع عليه (٨) استعمالُه لِمَا وقع فيه من البول، وتعقَّبه الزَّينُ العراقيُّ بأنَّه لا يلزم من (٩) عطف النَّهي على النَّهي ورود التَّأكيد فيهما معًا، كما (١٠) هو معروفٌ في العربيَّة، قال (١١): وفي رواية أبي داود: «لا يغتسل فيه من الجنابة» فأتى بأداة النَّهيِ ولم يؤكِّده (١٢)، وهذا كلُّه محمولٌ على القليل عند أهل العلم على اختلافهم في حدِّ القليل، وقد تقدَّم قول من لا يعتبر إلَّا التَّغيُّر وعدمه، وهو قويٌّ (١٣)، لكنَّ التَّفصيل بـ «القلَّتين» أقوى لصحَّة الحديث فيه، وقد نُقِل عن مالك أنَّه حمل النَّهيَ على التَّنزيه فيما لا يتغيَّر، وهو قول الباقين في الكثير، وقد وقع في رواية ابن عُيَيْنَة عن أبي الزِّناد: «ثمَّ يغتسل منه» -بالميم- بدل: «فيه»، وكلٌّ منهما يفيد حكمًا بالنَّصِّ وحكمًا بالاستنباط، فلفظة: «فيه» -بالفاء- تدلُّ على منع الانغماس بالنَّصِّ، وعلى منع التَّناول بالاستنباط، ولفظة (١٤): «منه» -بالميم - بعكس (١٥) ذلك، وكلُّ


(١) «ثمَّ»: سقط من (د).
(٢) في (ب) و (س): «مشاركة».
(٣) في (ب) و (س): «المنهيِّ عنه».
(٤) في (م): «الشَّديدة».
(٥) في (س) و (م): «توارد».
(٦) في (م): «يغتسل».
(٧) قوله: «لأنَّه إذ ذاك يكون عطف … فعدوله عن ثم لا يغتسلنَّ إلى» سقط من (د).
(٨) «عليه»: سقط من (د).
(٩) في (م): «في».
(١٠) في (ب): «و».
(١١) «قال»: سقط من (د).
(١٢) «لم يُؤكِّده»: سقط من (د).
(١٣) في (د): «أقوى».
(١٤) في (م): «لفظ».
(١٥) في (م): «على عكس».

<<  <  ج: ص:  >  >>