للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-وهو طلبُ ما لا مَطمع في وقوعهِ، كـ: لَيْتَ الشَّبابَ يعودُ- أنَّ التَّمنِّي يُصاحبه الكسل، ولا يسلكُ صاحبه طريقَ الجهد والجدِّ في الطَّاعات، وبِعَكْسِهِ صاحب الرَّجاء فإنَّه يسلُك طريقَ ذلك، فالتَّمنِّي معلولٌ والرَّجاء محمودٌ، ومن علامتِهِ حسنُ الطَّاعة. قال حجَّة الإسلامِ: الرَّاجِي من بثَّ بذرَ الإيمان، وسقاهُ بماءِ الطَّاعات ونقَّى القلبَ من (١) شوكِ المهلكاتِ، وانتظرَ من فضلِ الله أنْ ينجيهُ من الآفاتِ، فأمَّا المنهمكُ في الشَّهوات منتظرًا للمغفرةِ فاسم المغرورِ (٢) به أليقُ وعليه أصدقُ، وأمَّا الخوفُ فهو فزعُ القلب من مكروهٍ يناله، أو محبوبٍ يفوته، وسببه تفكُّر العبدِ في المخلوقاتِ كتفكُّره في تقصيرهِ وإهماله وقلَّة مراقبتهِ لِمَا يَرِدُ عليه، وكتفكُّره فيما ذكرهُ الله ﷿ في كتابهِ من إهلاكِ من خالفَه، وما أعدَّه له في الآخرة.

وقال القشيريُّ: الخوفُ معنًى متعلَّقُه في المستقبلِ؛ لأنَّ العبدَ إنَّما يخافُ أن يحلَّ به مكروهٌ، أو يفوتَه محبوبٌ، ولا يكون هذا إلَّا لشيءٍ يحصلُ (٣) في المستقبلِ.

(وَقَالَ سُفْيَانُ) بن عُيينة: (مَا فِي القُرْآنِ آيَةٌ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ) قوله تعالى: (﴿لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ﴾ [المائدة: ٦٨]) يعني: القرآن، وذلك لما فيها من التَّكليفِ من العملِ بأحكامها.

ووجه المناسبة للتَّرجمة أنَّ الآيةَ تدلُّ على أنَّ من لم يعملْ بما تضمَّنه الكتابُ الَّذي أُنزل عليه لم تحصلْ له النَّجاة، ولا ينفعُهُ رجاؤه من غيرِ عمل ما أُمر به.


(١) في (د): «عن».
(٢) في (ص) و (ع): «الغرور».
(٣) «يحصل»: ليست في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>