واو في الفرع كأصلهِ في «راهبين» وقال في «الفتح»: «وراهبين» بالواو، وفي مسلمٍ بغير واو، وهذه الفرقة هي الَّتي اغتنمتِ الفُرصة وسارت على فُسحةٍ من الظَّهر، ويسرةٍ من الزَّاد راغبةً فيما تستقبلُه راهبةً فيما تستدبره (وَ) الفِرقة الثَّانية تقاعدتْ حتَّى قلَّ الظَّهر وضاق عن أن يسعَهم؛ لركوبهمْ فاشتركوا فركبَ منهم (اثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلَاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَعَشَرَةٌ) يعتقبون (عَلَى بَعِيرٍ) بإثبات الواو في الأربعةِ في فرع «اليونينيَّة» كهي. وقال الحافظُ ابن حجرٍ: بالواو في الأوَّل فقط، وفي رواية مسلمٍ والإسماعيليِّ بالواو في الجميع، ولم يذكرِ الخمسة والستَّة إلى العشرة اكتفاءً بما ذكر (وَيَحْشُرُ) بالتَّحتية، ولأبي ذرٍّ بالفوقيَّة (بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ) لعجزِهم عن تحصيلِ ما يركبونَهُ وهي الفرقة الثَّالثة، والمراد بالنَّار هنا نار الدُّنيا لا نار الآخرة، وقيل: المراد نارُ الفتنةِ، وليس المرادُ (١) نار الآخرة.
قال الطِّيبيُّ: لقوله: «ويحشرُ بقيَّتهم النَّار» فإنَّ النَّار هي الحاشرةُ، ولو أريد ذلك المعنى لقالَ: إلى النَّار، ولقوله:(تَقِيلُ) من القيلولة، أي: تستريحُ (مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا، وَتَبِيتُ) من البيتوتةِ (مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا، وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا) فإنَّها جملةٌ مستأنفةٌ بيانٌ للكلام السَّابق، فإنَّ الضَّمير في «تقيل» راجعًا إلى النَّار الحاشرة، وهو من الاستعارةِ، فيدلُّ على أنَّها ليست النَّار الحقيقيَّة بل نار الفتنةِ، كما قال تعالى: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ﴾ [المائدة: ٦٤] ولا يمتنعُ إطلاق النَّار على الحقيقيَّة وهي الَّتي تخرج من عدنٍ، وعلى المجازيَّة وهي الفتنةُ؛ إذ لا تَنافي بينهما.
وفي حديث حُذيفة بن أَسيد -بفتح الهمزة- عند مسلمٍ المذكور فيه الآيات الكائنة قبل يوم السَّاعة كطلوعِ الشَّمس من مغربها، وفيه:«وآخر ذلك نارٌ تخرجُ من قعر عدنٍ تُرحِّل النَّاس»، وفي رواية له:«تطردُ النَّاس إلى حشرِهم»، وفي حديثِ معاويةَ بنِ حَيْدةَ جدِّ بَهْز بن حكيمٍ،