للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رفعه: «إنَّكُم محشورُونَ (١) -ونحَا بيدهِ نحو الشَّامِ- رجالًا وركبانًا وتُجَرُّونَ (٢) على وجوهِكُم» رواه التِّرمذيُّ والنَّسائيُّ بسندٍ قويٍّ.

وعند أحمد بسندٍ لا بأس به حديثٌ: «ستكون هجرةٌ بعدَ هجرةٍ، وينحازُ (٣) النَّاس إلى مُهَاجَر إبراهيمَ، ولا يبقى في الأرضِ إلَّا شرارها تلفظُهم أرضوهُم وتحشرُهم النَّار مع القِردة والخنازير، تبيتُ معهم إذا باتُوا وتقيلُ معهم إذا قالوا». وفي حديثِ أبي ذرٍّ عند أحمد والنَّسائيِّ والبيهقيِّ: حدَّثني الصَّادق المصدوق: «إنَّ النَّاسَ يحشرونَ يومَ القيامةِ على ثلاثةِ أفواجٍ: فوجٌ طاعمينَ كاسينَ راكبينَ، وفوجٌ يمشونَ، وفوجٌ تسحبهُمُ الملائكةُ على وجوههم» الحديث. وفيه: أنَّهم سألوا عن السَّبب في مشي المذكورين، فقال: «يُلْقِي الله الآفةَ على الظَّهر حتَّى لا يبقى ذاتُ ظهرٍ، حتَّى إنَّ الرَّجلَ ليُعطى الحديقَةَ المُعْجبةَ بالشَّارف ذات القَتَب» أي: يشتري النَّاقة المسنَّة لأجلِ ركوبها (٤) تحملُه على القَتَب بالبستانِ الكريمِ لهوانِ العقار الَّذي عَزَمَ على الرَّحيل عنه، وعزَّة الظَّهر الَّذي يوصلُه إلى مقصودهِ، وهذا لائقٌ بأحوالِ الدُّنيا.

لكن استُشكل قوله فيه: «يوم القيامة»؟ وأُجيب بأنَّه مؤوَّلٌ على أنَّ المراد بذلك: أنَّ يوم القيامة يعقبُ ذلك، فيكون من مجازِ المجاورة، ويتعيَّن ذلك لِمَا وقع فيه أنَّ الظَّهر يقل لِمَا يُلقى عليه من الآفةِ، وأنَّ الرَّجل يشتري الشَّارف الواحدَ (٥) بالحديقةِ المعجِبة، فإنَّ ذلك ظاهرٌ جدًّا في أنَّه من أحوال الدُّنيا لا بعد البَعث، ومن أين للَّذين يُبعثون بعد الموت حُفاةً عُراةً (٦) حدائق يدفعونها في الشَّوارفِ، ومَالَ الحَليميُّ وغيره إلى أنَّ هذا الحشر يكون عند الخروج من القبورِ، وجزمَ به الغزاليُّ، وذهبَ إليه التُّوربشتيُّ في «شرح المصابيح» له، وأشبعَ الكلام في تقريرهِ بما يطولُ ذكره.

والحديثُ أخرجهُ مسلمٌ في «باب يُحشر النَّاس على طرائق».


(١) في (ب) و (س): «تحشرون».
(٢) في (د): «وتخرون».
(٣) في (د): «ويتجاوز».
(٤) في (د): «كونها».
(٥) في (ب) و (س): «الواحدة».
(٦) «عراة»: ليست في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>