للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الكلاباذيُّ: المراد بـ «الأمَّة» أوَّلًا: أمَّة الإجابة، وبقوله آخرًا: «أمَّتي» أمَّة الاتِّباع، فإنَّ أمَّته على ثلاثةِ أقسامٍ أحدُها أخصُّ من الآخر: أمَّة الاتِّباع، ثمَّ أمَّة الإجابة، ثمَّ أمَّة الدَّعوة، فالأُولى أهل العمل الصَّالح، والثَّانية مُطلق المسلمين، والثَّالثة من عَداهم ممَّن بُعِث إليهم.

(فَقَامَ إِلَيْهِ) (عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ) بضم العين المهملة وفتح الكاف مشددة وتخفَّف، و «مِحْصَن» بكسر الميم وسكون الحاء وفتح الصاد المهملتين آخره نون، ابن حُرْثان -بضم الحاء المهملة وسكون الراء بعدها مثلثة- من بني أسد بن خُزيمة، وكان عُكَّاشة من السَّابقين (فَقَالَ): يا رسول الله (ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ : اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ) هو سعدُ بن عبادة، كما عند الخطيب في «المُبهمات» واستُبعد هذا من جهة جلالة سعدِ بن عبادة (قَالَ): يا رسول الله (ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ : سَبَقَكَ بِهَا) بالصِّفات الَّتي هي التَّوكُّل وسابقه (عُكَّاشَةُ) أو أراد بذلك حسم المادَّة؛ إذ لو أجابَ الثَّاني لقام ثالثٌ ورابعٌ وهلُمَّ جرًّا، وليس كلُّ أحدٍ يصلحُ لذلك، أو أنَّه أجاب عُكاشة بوحي ولم يوحَ إليه في غيرهِ، أو أنَّ السَّاعة الَّتي سَأل فيها عُكَّاشة ساعة إجابةٍ، ثمَّ انقضت، وهذا أولى من قول (١) إنَّه كان مُنافقًا؛ لأنَّ الأصلَ في الصَّحابة عدم النِّفاق، وأيضًا فإنَّ مثل هذا السُّؤال قلَّ أن يَصدر إلَّا عن قصدٍ صحيحٍ، وفي حديث جابرٍ عند الحاكم والبيهقيِّ في «الشعب» (٢) رفعه: «من زادَتْ حسناتهُ على سيِّئاتهِ فذلكَ الَّذي يدخلُ الجنَّةَ بغيرِ حسابٍ، ومن استوَت حسناتُهُ وسيِّئاتُهُ، فذاكَ (٣) الَّذِي يحاسبُ حسابًا يسيرًا، ومَن أَوْبَقَ نفسهُ فهو الَّذي يُشْفَعُ فيهِ بعدَ أن يعذَّب».


(١) في (د): «قوله».
(٢) في (ع) و (د): «البعث».
(٣) في (ب) و (س) و (د): «فذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>