للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رفع خبرِ (١) «إنَّ»، و «أنْ» مصدريَّة في محلِّ نصبٍ، أو جرٍّ بتقدير حرفِ الجرِّ، أي: يَنْهاكم عن أنْ تحلفُوا، الأوَّل للخليل والكسائيِّ، والثَّاني لسيبوَيه، وحكمُ غير الآباءِ من سائرِ الخلقِ كحكم الآباء (٢) في النَّهي، وفي حديثِ ابن عمرَ عند التِّرمذيِّ -وقال: حسنٌ- وصحَّحه الحاكمُ أنَّه سمع رجلًا يقول: لا والكعبة (٣). فقالَ: لا تحلِفْ بغيرِ اللهِ، فإنِّي سمعتُ رسولَ الله يقول: «مَن حلَفَ بغيرِ اللهِ فقَدْ كفَرَ أو أشرَكَ» والتَّعبير بذلك للمُبَالغةِ في الزَّجر والتَّغليظ، وهل النَّهيُ للتَّحريمِ أو التَّنزيه؟ (٤) المشهورُ عند المالكيَّة الكراهة، وعندَ الحنابلةِ التَّحريم وجمهورُ الشَّافعيَّة أنَّه للتَّنزيهِ، وقال إمامُ الحرمين: المذهَبُ القطْعُ بالكراهةِ، وقال غيرُه بالتَّفصيل؛ فإن اعتقدَ فيه من التَّعظيمِ (٥) ما يعتقدُه في الله حرُمَ الحلف به، وكفرَ بذلك الاعتقاد، أمَّا (٦) إذا حلفَ بغيرِ الله لاعتقادِهِ تعظيمَ المحلوفِ به على ما يليقُ به (٧) مِن التَّعظيم، فلا يكفرُ بذلك ولا تنعقدُ يمينه.

(قَالَ عُمَرُ) : (فَوَاللهِ (٨) مَا حَلَفْتُ بِهَا) أي: بأبي (مُنْذُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ) و «منذ» ظرفٌ مضافٌ إلى الجملةِ بتقدير: زمان، أي: ما حلفتُ بها منذُ زمن سَمَاعي يَنْهى (٩) عنها حالَ كَوْني (١٠) (ذَاكِرًا) أي: عامدًا (وَلَا آثِرًا) بهمزةٍ ممدودةٍ فمثلَّثة مكسورةٍ، أي: حاكيًا عن غيرِي، أي: ما حلفتُ بها ولا حكيتُ ذلك عن غيرِي، واستُشكل هذا التَّفسير لتصديرِ الكلام بـ «حلفْتُ» والحاكِي عن غيرِه لا يسمَّى حالفًا؟ وأُجيب باحتمالِ أن يكون العامل فيه محذوفًا، أي: ولا ذكرتُها آثرًا عن غيرِي، أو يكون ضمَّنَ «حلفْتُ» مَعنى تكلَّمْت، أو معناهُ يرجعُ إلى مَعنى


(١) في (ل): «في محلِّ خبر».
(٢) «كحكم الآباء»، زيادة لا بدّ منها.
(٣) في (د) و (ص): «لا وربّ الكعبة».
(٤) في (د): «للتنزيه».
(٥) في (ل): «فإن اعتقد في الآباء من التعظيم».
(٦) في (د): «وأما».
(٧) «به»: ليست في (د).
(٨) في (د): «والله».
(٩) «ينهى»: ليست في (د)، وفي (ب) و (س): «للنهي».
(١٠) في (ع) و (ص) و (د): «كونه».

<<  <  ج: ص:  >  >>