للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّفاخر بالآباءِ والإكرام لهم، فكأنَّه قال: ما حلفْتُ بآبائِي ذاكرًا لمآثرِهم.

(قَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وصله الفِريابيُّ في «تفسيره» عن ورقاء، عن ابنِ أبي نجيحٍ في تفسير قولهِ تعالى: (﴿أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ﴾ [الأحقاف: ٤]) وفي نسخةٍ: «أو أثرةٍ» بإسقاطِ الألف بعد المثلَّثَة، وفي هامشِ الفرعِ كأصلهِ قُرئ بضم الهمزة وسكون المثلثة، وبفتحهما، أي: (يَأْثُرُ عِلْمًا) بضم المثلّثة، واختُلف في مَعنى هذه اللَّفظة، ومحصّل ما ذكرَ في ذلك ثلاثة أقوال: أحدها البقيَّة، والأصل: أَثَرْتُ الشَّيءَ آثُرُه أَثَارَة كأنَّها بقيَّةٌ تُسْتخرج فتُثَار، الثَّاني من الأَثَر، وهو الرِّواية، والثَّالث من الأَثَر، وهو (١) العلامةُ (تَابَعَهُ) أي: تابع يونس (عُقَيْلٌ) بضم العين وفتح القاف، ابن خالد، ممَّا رواه أبو نُعيم في «مستخرجه» على مسلمٍ (وَالزُّبَيْدِيُّ) محمد بنُ الوليد، ممَّا وصلهُ النَّسائيُّ (وَإِسْحَاقُ) بن يحيى (الكَلْبِيُّ) الحمصيُّ، ممَّا هو في «مشيختهِ» (٢) المرويَّة من طريق أبي بكر أحمدَ بنِ إبراهيمَ بن شاذان، الثَّلاثة: (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بنِ مسلم بنِ شهابٍ (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ) سفيان، ممَّا وصلهُ الحميديُّ في «مسنده» (وَمَعْمَرٌ) هو ابنُ راشدٍ، ممَّا وصله أبو داود كلاهما (عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ) أنَّه (سَمِعَ النَّبِيُّ عُمَرَ).

وفي هذا الحديث الزَّجرُ عن الحلفِ بغيرِ الله، وإنَّما خصَّ في حديثِ ابنِ عمر بالآباءِ لورودِهِ (٣) على سببهِ المذكور، أو خصَّ لكونهِ كان غالبًا عليهم لقولهِ في الرِّواية الأُخرى [خ¦٣٨٣٦] «وكانتْ قريشٌ تحلفُ بآبائها» ويدلُّ على التَّعميم قوله: «مَن كان حالفًا فلا يحلِفْ إلَّا باللهِ» فلو حلفَ بغيرهِ تعالى؛ سواء كان المحلوفُ به يستحقُّ التَّعظيم كالأنبياءِ والملائكةِ والعلماءِ والصُّلحاء والملوكِ والآباء والكعبة، أو كان لا يستحقُّ التَّعظيم كالآحاد، أو يستحقُّ التَّحقير والإذلال كالشَّياطين والأصنام لم تنعقدْ يمينه. قال الطَّبريُّ: من حلفَ بالكعبةِ أو آدم أو جبريل ونحو ذلك، لم تنعقدْ يمينُه، ولزمَهُ الاستغفارُ لإقدامهِ على ما نهيَ عنه، ولا كفَّارة في ذلك، نعم استثنَى بعضُ الحنابلةِ من ذلك الحلف بنبيِّنا محمَّد فقال: تنعقدُ به اليمين، وتجبُ الكفَّارة بالحنثِ به لأنَّه أحدُ ركني الشَّهادة الَّذي لا تتمُّ إلَّا به، ولله تعالى أن يُقْسم بما شاءَ من خلقهِ كاللَّيل والنَّهار؛ ليُعْجِب بها المخلوقين، ويُعرِّفهم قدرَتَه؛ لعِظَمِ


(١) في (س): «وهي».
(٢) في (د): «نسخته».
(٣) في (ع): «الواردة».

<<  <  ج: ص:  >  >>