للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وضم الشين المعجمة والدال المهملة، أي: أسألُكَ الله، أي: بالله، ومعنى السُّؤال هنا القَسَم، كأنَّه قال: أقسمتُ عليك بالله، أو معناه: ذكَّرتُك -بتشديد الكاف- وحينئذٍ فلا حاجة لتقدير حرفِ الجرِّ (١) فيه، ولذا قال الفارسيُّ: أجروه مَجرى ذكَّرتك (٢)، وإذا (٣) قلنا: معناه سأل، كان متعديًّا لمفعولين ليسَ ثانيهمَا المجرور بالباء لفظًا أو تقديرًا كما يتوهَّمه كثيرٌ، بل مفعوله الثَّاني ما يأتي بعدَه (٤)، فإذا قلت: أَنْشدك اللهَ أن تُكرمني، فالمصدر المؤوَّل من أن تُكرمني هو مفعولُه الثَّاني، وقسْ على ذلك، وإن قلنَا معناه: ذكَّرتك الله، فالمراد به: الإقسام عليه به، فهذان مفعولاه (٥)، وحينئذٍ فما بعده على تقديرِ حرفِ جرٍّ، فإذا (٦) قيل (٧): نشدتُكَ الله أن تُكرمني، كان معناه: ذكَّرتك الله في إكرامِي.

ثمَّ إنَّ العربَ تأتي بعد هذا التَّركيب بإلَّا مع أنَّ صورةَ لفظه إيجابٌ، ثمَّ يأتون بعدَه بفعل ولا يستثنى، فيقولون: أَنْشُدك الله إلَّا فعلت كذا، وذلك لأنَّ المعنى على النَّفي والحصر فحسُنَ الاستثناءُ، وأمَّا وقوعُ الفعلِ بعد إلَّا فعلى تأويلهِ بالمصدرِ، وإن لم يكن فيه حرفٌ مصدريٌّ؛ لضرورة افتقارِ المعنى إلى ذلك، وهو من المواضعِ الَّتي يقعُ فيها الفعل (٨) موقعَ الاسم كما قاله صاحب «المفصل». قال: وقد أُوقع الفعل المتعدِّي موقعَ الاسم المستثنى في قولهِ: أَنْشُدك الله إلَّا (٩) فعلت. وتعقَّبه البَرْماويُّ بأنَّ تقييده بالفعل المتعدِّي لا معنى له. وقال أبو حيَّان: فهو كلام يعنون به النَّفي المحصور فيه المفعول، قال: وقد صرَّح بـ: «ما» المصدريَّة مع الفعل بعد إلَّا، يعني كما وقع في هذا الحديث بعد أَنْشُدك (إِلَّا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ) أي: لا أسألُكَ بالله إلَّا القضاء بيننا بكتابِ الله. قال في «العدّة»: في المسألة مذهبان آخران حكاهما


(١) في (د): «جرّ».
(٢) في (ع) و (ص) و (د): «ذكرت».
(٣) في (د): «وإن».
(٤) في (د): «بعد».
(٥) في (د): «مفعولان».
(٦) في (د) و (ص): «وإذا».
(٧) في (ص) و (د) زيادة: «معناه».
(٨) في (د): «الفعل المتعدي».
(٩) في (ب) و (س): «إلا ما».

<<  <  ج: ص:  >  >>