للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ماضٍ أو مضارعٌ أصله تتوفَّاهم حذفت ثانية تاءيه (﴿ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾) حال من ضمير المفعول في ﴿تَوَفَّاهُمُ﴾ أي: في حال ظلمِهم أنفسهم بالكفرِ وترك الهجرةِ (﴿قَالُواْ﴾) أي: الملائكةُ توبيخًا لهم: (﴿فِيمَ كُنتُمْ﴾) في أيِّ شيءٍ كنتم من أمرِ (١) دينكم (﴿قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ﴾) عاجزين عن الهجرةِ (﴿فِي الأَرْضِ﴾ [النساء: ٩٧]) أرض مكَّة، أو عاجزين عن إظهارِ الدِّين وإعلاء كلمتهِ (إِلَى قولهِ: ﴿وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا﴾ [النساء: ٧٥]) كذا في رواية كريمةَ والأَصيليِّ والقابسيِّ، ولا يخفى ما فيه من التَّغيير؛ لأنَّ قوله: ﴿وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا﴾ من آيةٍ أُخرى متقدِّمة على الآيةِ المذكورة، والصَّواب ما وقع في رواية أبي ذرٍّ: «إلى قولهِ: ﴿عَفُوًّا غَفُورًا﴾» [النساء: ٩٩] أي: لعبادِه قبل أن يخلقَهم. وقال تعالى: ﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ﴾ مجرورٌ بالعطفِ على ﴿فِي سَبِيلِ اللّهِ﴾ أي: في سبيل الله وفي خلاصِ المستضعفين، أو منصوبٌ على الاختصاص، أي: واختَصَّ من سبيل الله خلاصَ المستضعفين؛ لأنَّ سبيلَ الله عامٌّ في كلِّ خيرٍ، وخلاصُ المستضعفين من المسلمين من أيدي الكفَّار من أعظمِ الخيرِ وأخصِّه، والمستضعفون هم الَّذين أسلموا بمكَّة وصدَّهم المشركون عن الهجرةِ، فبقوا بين أيدِيهم مُستضعفين يلقون منهم الأذَى الشَّديد ﴿مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ﴾ بيان للمُستضعفين، وإنَّما ذكر: ﴿وَالْوِلْدَانِ﴾ مبالغة في الحثِّ وتنبيهًا على تَناهي ظلم المشركين بحيثُ بلغ أذاهم الصِّبيان إرغامًا لآبائهم وأمَّهاتهم، وعن ابن عبَّاس: كنتُ أنا وأمِّي من المستضعفين من النِّساء والولدان الَّذين يقولون: ربَّنا أخرجنَا من هذه القريةِ -مكَّة (٢) - الظَّالم أهلها، الظَّالم وصف للقريةِ إلا أنَّه مُسْنَد إلى أهلِها، فأعطي إعرابَ القرية؛ لأنَّه صفتُها ﴿وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا﴾ [النساء: ٧٥] يتولَّى أمرنَا ويستنقذنَا من أعدائنَا ﴿وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا﴾ [النساء: ٧٥] ينصرنا عليهم، فاستجابَ الله تعالى دُعاءهم بأن يسَّر لبعضِهم الخروج إلى المدينةِ، وجعلَ لمن بقيَ منهم وليًّا وناصرًا، ففتح مكَّة على نبيِّه فتولَّاهم (٣) ونصرهم، ثمَّ استعمل عليهم (٤) عتَّاب بن أُسَيد فحمَاهم ونصرَهم حتَّى صاروا أعزَّ أهلها (فَعَذَرَ اللهُ المُسْتَضْعَفِينَ الَّذِينَ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ تَرْكِ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ) إلَّا إن غلبوا (وَالمُكْرَهُ) بفتح الراء (لَا يَكُونُ إِلَّا مُسْتَضْعَفًا) بفتح العين (غَيْرَ مُمْتَنِعٍ مِنْ فِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ) بضم


(١) «أمر»: ليست في (ب).
(٢) «مكة»: ليست في (س).
(٣) في (د): «فوالاهم»، وفي (ع): «فولاهم».
(٤) في (ص): «منهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>