للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن فعلَ يأثم، وقال الجمهور: لا يأثم (١) (ثُمَّ (٢) نَاقَضَ) بعض النَّاس قوله هذا (فَقَالَ: إِنْ قِيلَ لَهُ) أي: إن قال ظالمٌ لرجلٍ: (لَنَقْتُلَنَّ) بنون بعد اللَّام الأولى (أَبَاكَ أَوِ ابْنَكَ، أَوْ لَتَبِيعَنَّ هَذَا العَبْدَ أَوْ تُقِرُّ) ولأبي ذرٍّ: «أو لتقرَّنَّ» (بِدَيْنٍ، أَوْ تَهَبُ) هبة (يَلْزَمُهُ فِي القِيَاسِ) لما سبق أنَّه يصبرُ على قتل أبيهِ، وعلى هذا ينبغِي أن (٣) يلزمه كلُّ ما عقدَ على نفسه من عقدٍ، ثمَّ ناقض هذا المعنى بقولهِ: (وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ، وَنَقُولُ: البَيْعُ وَالهِبَةُ وَكُلُّ عُقْدَةٍ) بضم العين (فِي ذَلِكَ بَاطِلٌ) فاستحسنَ بطلان البيعِ ونحوه بعد أن قال: يلزمُه في القياس، ولا يجوزُ له القياس فيها. وأَجاب العينيُّ بأنَّ المناقضة ممنوعةٌ؛ لأنَّ المجتهدَ يجوزُ له أن يخالفَ قياس قولهِ بالاستحسان، والاستحسانُ حجَّةٌ عند الحنفيَّة. قال البخاريُّ رحمه الله تعالى: (فَرَّقُوا) أي: الحنفيَّةُ (بَيْنَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ وَغَيْرِهِ) من الأجنبيِّ (بِغَيْرِ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ) فلو قال ظالمٌ لرجلٍ: لنقتلنَّ هذا الرَّجل الأجنبيَّ، أو لتبيعنَّ أو تقرُّ أو تهبُ، ففعل ذلك لينجيه من القتلِ لزمه جميع ما عقدَ على نفسه من ذلك، ولو قيل له ذلك في المحارمِ لم يلزمْه ما عقده في استحسانهِ، والحاصل: أنَّ أصل أبي حنيفة اللُّزوم في الجميع قياسًا لكنَّه يَستثني (٤) مَن له منه رحمٌ استحسانًا، ورأى البخاريُّ أن لا فرقَ بين القريب والأجنبيِّ في ذلك لحديث (٥): «المسلم أخو المسلم» فإنَّ المراد: أخوَّة الإسلام لا النَّسب، ثمَّ استشهدَ لذلك بقولهِ:

(وَقَالَ النَّبِيُّ ) فيما سبق موصولًا في «أحاديث الأنبياء » [خ¦٣٣٥٨] (قَالَ إِبْرَاهِيمُ) (لاِمْرَأَتِهِ) لما طلبها الجبَّار، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ «لسارة»: (هَذِهِ أُخْتِي) قال البخاريُّ: (وَذَلِكَ فِي اللهِ) أي: في دينِ الله، لا أخوة النَّسب؛ إذ نكاح الأخت كان حرامًا في ملَّة إبراهيم، وهذه الأخوَّة توجبُ حماية أخيه المسلم والدَّفع عنه، فلا يلزمه ما عقدَ من البيعِ ونحوه ووسعَه الشُّرب والأكلُ، ولا إثمَ عليه في ذلك، كما لو قيل له: لتفعلنَّ هذه الأشياء أو لنقتلنَّك، وسعَه في نفسه إتيانها، ولا يلزمُه حكمُها. وأَجاب العينيُّ بأنَّ الاستحسان


(١) في (د): «إثم».
(٢) «ثم»: ليست في (د).
(٣) «ينبغي أن»: ليست في (ع).
(٤) في (د): «ليستثني».
(٥) في (د) زيادة: «مسلم».

<<  <  ج: ص:  >  >>