للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأبو نُعيم أيضًا من طريق جمعٍ من أصحابِ اللَّيث عن اللَّيث بدونها. انتهى.

وقال عياضٌ: إنَّ قول مَعْمر في فترةِ الوحي: فحزن النَّبيُّ فيما بلغنا حزنًا غدا منه مرارًا كي يتردَّى من رؤوسِ شواهقِ الجبال. لا يقدحُ في هذا الأصل؛ أي (١): ما قرَّره من عدم طَرَيان الشَّكِّ عليه لقول مَعْمر عنه: فيما بلغنا، ولم يسندهُ ولا ذكرَ رواتَه ولا من حدَّث به، ولا أنَّ النَّبيَّ قاله، ولا يعرف مثلُ هذا إلَّا من جهتهِ مع أنَّه قد يُحملُ على أنَّه كان أوَّل الأمر، أو أنَّه فعلَ ذلك لما أحرجَه من تكذيبِ من بلَّغهُ، كما قال تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ [الكهف: ٦]. انتهى.

وحاصلُه: أنَّه ذكر أنَّه غيرُ قادحٍ من وجهين: أحدُهما: فيما يتعلَّق بالمتنِ من جهةِ (٢) قولِهِ: فيما بلغنا. حيث لم يُسنده، وأنَّه لا (٣) يعلم ذلك إلَّا من جهةِ المنقولِ عنه، والثَّاني: أنَّه أوَّل الأمر، أو أنَّه فعلَ ذلك لما أحرجَه من تكذيبِ قومه. وفيه بحثٌ؛ إذ عدم إسنادِه لا يوجب قدحًا في الصِّحَّة، بل الغالبُ على الظَّنِّ أنَّه بلغه من الثِّقات؛ لأنَّه ثقة، لا سيَّما ولم ينفردْ مَعْمر بذلك كما سبقَ، وروينا أيضًا من طريق الدُّولابيِّ ممَّا في «سيرةِ ابن سيِّد النَّاس» عن يونس بنِ عبد الأعلى عن ابنِ وهبٍ عن يونس بنِ يزيد عن الزُّهريِّ عن عروةَ عن عائشةَ الحديث وفيه: ثمَّ لم ينشبْ ورقةُ أن توفِّي، وفترَ الوحي حتَّى حزنَ رسولُ الله فيما بلغنا حزنًا … إلى آخره. فاعتضدتْ كلُّ رواية بالأخرى، وكلٌّ من الزُّهريِّ ومَعْمر ثقةٌ، وعلى تقدير الصِّحَّة لا يكون قادحًا، كما ذكره عياضٌ، لكن لا بالنَّسبة إلى أنَّه في أوَّل الأمر لاستقرارِ الحال فيه مدَّة، بل بالنِّسبة إلى ما أحرجَه من التَّكذيب؛ إذ لا شيءَ فيه قطعًا بدليل قولهِ تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ﴾ [الكهف: ٦] أي: قاتلٌ نفسَك أسفًا، وكان التَّعبير بقولهِ: حصلَ له ذلك لما أحرجه، أحسنُ من قولهِ: فعل؛ لأنَّ الحزنَ حالةٌ تحصلُ للإنسان يجدُها من نفسِه بسبب لا أنَّه من أفعالهِ الاختياريَّة.

وحديث الباب أخرجَه المؤلِّف في «باب بدءِ الوحي» [خ¦٣].


(١) في (د): «أن».
(٢) في (د): «جمع»، وفي (ع): «جميع».
(٣) في (د): «لم».

<<  <  ج: ص:  >  >>