للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«نعم»، كآية ﴿أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى﴾ [الأعراف: ١٧٢] لعدم جوازه، بل يكون كفرًا لأنَّ «بلى» مُختَصَّةٌ بإيجاب النَّفي، و «نعم»: مُقرِّرةٌ لِمَا سبقها، قال في «القاموس»: «بلى»: جواب استفهامٍ، معقودٌ بالجحد يوجب ما يُقال لك، و «نَعَم» -بفتحتين وقد تُكسَر العين- كلمةٌ كـ «بلى»، إلَّا أنَّه في جواب الواجب. انتهى. وإنَّما لم يفرِّق الفقهاء بينهما في الأقارير لأنَّها مبنيَّةٌ على العرف، ولا فرق بينهما فيه، ولا يُحمَل هذا على المُعاتَبة كما فهمه بعضهم، وإنَّما هو استنطاقٌ بالحجَّة (وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ) أي: خيرك، و «غِنى» بكسر الغَيْن والقصر من غير تنوينٍ، على أنَّ «لا» لنفيِ الجنس، ورويناه بالتَّنوين والرَّفع على أنَّ «لا» بمعنى: ليس، ومعناهما واحدٌ لأنَّ النَّكرة في سياق النَّفيِ تفيد العموم، وخبر «لا» يحتمل أن يكون: «بي» (١) أو «عن بركتك»، فالمعنى صحيحٌ على التَّقديرين، واستُنبِط منه فضل الغنى؛ لأنَّه سمَّاه بركةً، ومحالٌ أن يكون أيُّوب صلوات الله عليه وسلامه أخذ هذا المال حبًّا للدُّنيا، وإنَّما أخذه كما أخبر هو عن نفسه لأنَّه بركةٌ من ربِّه تعالى؛ لأنَّه قريب العهد بتكوين الله ﷿، أو أنَّه نعمةٌ جديدةٌ خارقةٌ للعادة، فينبغي تلقّيها بالقبول، ففي ذلك شكرٌ لها وتعظيمٌ لشأنها، وفي الإعراض عنها كفرٌ بها (٢)، وفيه (٣): جواز الاغتسال عريانًا، لأنَّ الله تعالى عاتبه على جمع الجراد ولم يعاتبه على الاغتسال عريانًا.

(وَرَوَاهُ) أي: هذا الحديث المذكور (إِبْرَاهِيمُ) بن طَهمان -بفتح الطَّاء المُهمَلة- أبو سعيدٍ الخراسانيُّ، المُتوفَّى بمكَّة سنة ثلاثٍ وستِّين ومئةٍ فيما وصله النَّسائيُّ بهذا الإسناد (عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ) بضمِّ العين وسكون القاف وفتح المُوحَّدة، التَّابعيِّ (عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيم) بضمِّ السِّين المُهمَلة وفتح اللَّام، التَّابعيِّ المدنيِّ (٤)، قِيلَ: إنَّه لم يضع جنبه إلى الأرض أربعين سنةً،


(١) في (د): «لي».
(٢) قوله: «ومحالٌ أن يكون أيُّوب … وفي الإعراض عنها كفرٌ بها» سقط من (د) و (ص).
(٣) «وفيه»: سقط من (د).
(٤) «المدنيِّ»: سقط من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>