للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والعاداتِ المستمرَّة فيما بين الأمم، عارفًا بالأمثالِ (١) والنَّوادر، ويأخذُ باشتقاقِ (٢) الألفاظ، وأن يكون فَطِنًا ذكيًا حسنَ الاستنباطِ خبيرًا بعلم الفراسة، وكيفيَّة الاستدلال من الهيئات الخِلْقيَّة على الصِّفات الخُلُقيَّة (٣)، حافظًا للأمور الَّتي تختلفُ باختلاف تعبير الرُّؤيا، فمن أمثلتهِ بحسب الألفاظ المشتقَّة: أنَّ رجلًا رأى في منامه أنَّه يأكلُ السَّفرجل فقال له المعبِّر: يتَّفق لك سفرةٌ عظيمةٌ؛ لأنَّ أوَّل جزأي (٤) السَّفرجل هو السَّفر. ورأى رجلٌ أنَّ رجلًا أعطاه غصنًا من أغصان السَّوسن (٥)، فقال له المعبِّر: يصيبك من هذا المعطى سوء (٦) تبقى في ورطتهِ سنة؛ لأنَّ السَّوسن أوَّل جزء منه: سو (٧)، والسُّوء (٨) يدلُّ على الشَّرِّ، والجزءُ الثَّاني: سن (٩)، والسَّنة اسمٌ للعام الَّذي هو اثنا عشر شهرًا، لكن قال المسيحيُّ: إنَّ هذا التَّعبير الَّذي بحسب الاشتقاق للألفاظِ العربيَّة إنَّما يفسِّر به (١٠) العرب ومن في بلادهِم دون غيرهم؛ لأنَّ للسَّفرجل والسَّوسن أسامي أُخر لا تدلُّ على هذا التَّعبير، فالسَّفرجل والسَّوسن لا يدلَّان (١١) على السَّفر والسُّوء في حقِّ من لا يكون من العرب، ولا يتوطَّن (١٢) ديار العربِ، ولكن يجعلُ اشتقاق الألفاظِ وكيفيَّة الاستعمالِ منها على التَّعبير قانونًا ودستورًا مُستعملًا في سائرِ اللُّغات، ويشتقُّ في سائرِ اللُّغات من الألفاظِ والأسماءِ المستعملةِ فيها ما يوافقُ معنى الاشتقاقِ من تلك اللُّغة دون غيرها، كما إذا رأى فارسيٌّ في نومه أنَّه يأكل السَّفرجل، فيدلُّ على صلاحِ شأنهِ وانتظامِ أحوالهِ، ولا يدلُّ على السَّفر في حقِّه؛ لأنَّ اسم


(١) في (ع) و (د): «حافظًا للأمثال».
(٢) في (د): «ويأخذ اشتقاق».
(٣) في (ع): «الخفية».
(٤) في (ع): «جزء من»، وفي (د): «جزء».
(٥) في (د): «السوس».
(٦) في (ع): «شرّ».
(٧) «لأن السوسن أول جزء منه سو»: ليست في (د).
(٨) في (د): «لأن السوء».
(٩) «والجزء الثاني سن»: ليست في (د).
(١٠) في (د): «يفسرها».
(١١) في (د): «لا تدل».
(١٢) في (ع) و (د): «يستوطن».

<<  <  ج: ص:  >  >>