للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الولايات، وكان حُمَيدٌ هذا (١) زاهدًا (عَنْ أَبِي بَكْرَةَ) نُفَيع (أَنَّ رَسُولَ اللهِ خَطَبَ النَّاسَ) يوم النَّحر بمنًى (فَقَالَ: أَلَا تَدْرُونَ) بتخفيف اللَّام (أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: حَتَّى ظَنَنَّا) وفي باب: «الخطبة أيَّام منًى» من «كتاب الحجِّ» [خ¦١٧٤١] فسكت حتَّى ظنَّنا (أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ) بالموحَّدة قبل التَّحتية في «يوم» (قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ) ، ولأبي ذرٍّ: «فقال»: (أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟) بالتَّذكير (أَلَيْسَتْ بِالبَلْدَةِ؟) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي زيادة: «الحرام» بتأنيث البلدة، وتذكير الحرام الذي هو صفتها، وذلك أنَّ لفظ «الحرام» اضمحلَّ منه معنى الوصفيَّة وصار اسمًا، والبلدة اسمٌ خاصٌّ بمكَّة، وهي المراد بقوله: ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا﴾ [النمل: ٩١] وخصَّها (٢) من بين سائر البلاد بإضافة اسمه إليها؛ لأنَّها أحبُّ بلاده إليه وأكرمها عليه، وأشار إليها إشارة تعظيمٍ لها دالًّا على أنَّها موطن بيته، ومهبط وحيه (قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ) : (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ) جمع عِرْضٍ؛ بكسر العين، وهو موضع المدح والذَّمِّ من الإنسان، سواءٌ كان في نفسه أو في (٣) سَلَفه (وَأَبْشَارَكُمْ) بفتح الهمزة وسكون الموحَّدة بعدها معجمةٌ: ظاهر جلد الإنسان، والمعنى: فإنَّ انتهاك دمائكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم (عَلَيْكُمْ حَرَامٌ) إذا كان بغير حقٍّ (كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا) يوم النَّحر (فِي شَهْرِكُمْ هَذَا) ذي الحجَّة (فِي بَلَدِكُمْ هَذَا) مكَّة، وشبَّه الدِّماء والأموال والأعراض والأبشار في الحرمة باليوم وبالشَّهر والبلد؛ لاشتهار الحرمة فيها عندهم، وإلَّا فالمشبَّه إنَّما يكون دون المشبَّه به، ولهذا (٤) قدَّم السُّؤال عنها مع شهرتها؛ لأنَّ تحريمها أثبت في نفوسهم؛ إذ هي عادة سلفهم، وتحريم الشَّرع طارئٌ، وحينئذٍ فإنَّما شبَّه الشَّيء بما هو أعلى منه، باعتبار ما هو مُقرَّر عندهم.

وهذا وإن كان سبق في موضعين «العلم» [خ¦٦٧] و «الحج» [خ¦١٧٤١] فذكره هنا لبعد العهد به، وقال في «اللَّامع» كـ «الكواكب»: لم يذكر في هذه الرِّواية؛ أيَّ شهر؟ مع أنَّه قال بعد: «في شهركم هذا». كأنَّه لِتَقرُّر ذلك عندهم، وحرمة البلد وإن كانت مُتقرِّرة أيضًا؛ لكنَّ الخطبة


(١) (هذا): مثبت من (ص).
(٢) في (د): «وخصَّ».
(٣) «في»: ليس في (ص).
(٤) في (د): «ولذا».

<<  <  ج: ص:  >  >>