للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكون فيما يأتي، وقال في «الفتح»: التَّقييد بقوله: «فيكم» يُشعِر بأنَّه في زمن الصَّحابة، فهو إشارةٌ إلى ما فتح لهم من الفتوح، واقتسامهم أموال الفرس والرُّوم، وقوله: «فيفيض … » إلى آخره إشارةٌ إلى ما وقع في زمن عمر بن عبد العزيز أنَّ الرَّجل كان لا يجد من يقبل صدقته كما مرَّ، وقوله: «حتَّى يعرضه … » إلى آخره إشارةٌ إلى ما سيقع زمن عيسى، فيكون فيه إشارةٌ إلى ثلاثة أحوالٍ: الأولى: كثرة المال فقط في زمن الصَّحابة، الثَّانية: فَيْضُه؛ بحيث يكثر فيحصل استغناء كلِّ أحدٍ عن أخذ مال غيره، ووقع ذلك في زمن عمر بن عبد العزيز، الثَّالثة: كثرته وحصول الاستغناء عنه حتَّى يُهِمَّ صاحب المال؛ لكونه لا يجد من يقبل صدقته، ويزداد (١) بأنَّه يعرضه على غيره ولو كان يستحقُّ الصَّدَقة، فيأبى أخذه، وهذا في زمن عيسى ، ويحتمل أن يكون هذا الأخير عند خروج النَّار واشتغال النَّاس بالمحشر (٢) (وَحَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي البُنْيَانِ) بأنَّ كلًا ممَّن يبني يريد (٣) أن يكون ارتفاعه أعلى من ارتفاع الآخر، أو المراد: المباهاة به في الزِّينة والزَّخرفة، أو أعمُّ من ذلك، وقد وُجِدَ الكثير من ذلك، وهو في ازديادٍ (وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ) لما يرى من عظيم البلاء، ورياسة (٤) الجهلاء، وخمول العلماء، واستيلاء الباطل في الأحكام، وعموم الظلم، واستحلال الحرام، والتحكُّم بغير حقٍّ في الأموال والأعراض والأبدان كما في هذه الأزمان، فقد علا الباطل على الحقَّ، وتغلب العبيد على الأحرار من سادات الخلق، فباعوا الأحكام ورضي بذلك منهم الحكام، فلا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم، ولا ملجأ ولا منجا من الله إلَّا إليه (وَ) لا تقوم السَّاعة (حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ) يعني (٥) (آمَنُوا أَجْمَعُونَ فَذَلِكَ حِينَ: ﴿لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام: ١٥٨]) وفي هذه الآية بحوثٌ حسنةٌ تتعلَّق بعلم العربيَّة، وعليها تنبني مسائل من أصول الدِّين، وذلك أنَّ المعتزليَّ يقول: مجرَّد الإيمان الصَّحيح لا يكفي، بل لا بدَّ من انضمام عملٍ يقترن به


(١) في (ع): «يزاد».
(٢) في غير (د) و (ص): «بالحشر».
(٣) في (ب) و (س): «بأن يريد كلٌّ ممن يبني».
(٤) في (د): «وزيادة».
(٥) «يعني»: مثبتٌ من غير (ب) و (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>