للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جوامع كلمه الواردة في الأحاديث حديث: «كلُّ عملٍ ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ» [خ¦٢٦٩٧] «وكلُّ شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطلٌ» [خ¦٢١٦٨] و «ليس الخبر كالمعاينة» و «البلاء موكَّلٌ بالمنطق» و «أيُّ داءٍ أدوأ من البخل!» و «حبُّك الشَّيء يُعمي ويُصمُّ … » إلى غير ذلك ممَّا يعسر استقصاؤه، ويدلُّك على أنَّه قد حاز من الفصاحة وجوامع الكلم درجةً لا يرقاها غيره، وحاز مرتبةً لا يقدر فيها قدره، وفي كتابي «المواهب اللَّدُنيَّة» (١) من ذلك ما يشفي ويكفي، قال ابن المُنيِّر: ولم يَتَحدَّ نبيٌّ من الأنبياء بالفصاحة إلَّا نبيُّنا ؛ لأنَّ هذه الخصوصيَّة لا تكون لغير الكتاب العزيز، وهل فصاحته في جوامع الكلم التي ليست من التِّلاوة ولكنَّها معدودةٌ من السُّنَّة (٢) تُحُدِّي بها أم لا؟ وظاهر قوله: «أُوتيت جوامع الكلم» أنَّه من التَّحدُّث بنعمة الله وخصائصه، كقوله: (وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ) بضمِّ الرَّاء، أي: الخوف يُقذَف في قلوب أعدائي، زاد في «التَّيمُّم» [خ¦٣٣٥] «مسيرة شهرٍ» وجعل الغاية مسيرة الشَّهر؛ لأنَّه لم يكن بين بلده وبين أحدٍ من أعدائه أكثر منه (وَبَيْنَا) بغير ميمٍ (أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي) رأيت نفسي (أُتِيتُ) بغير واوٍ بعد الهمزة، وفي «باب رؤيا اللَّيل» من «التَّعبير» [خ¦٧٠٣٧] بإثباتها (بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ) كخزائن كسرى أو معادن الذَّهب والفضَّة (فَوُضِعَتْ فِي يَدِي) بالإفراد (٣)، حقيقة أو مجازًا، فيكون كنايةً عن وعد الله بما ذكر أنَّه يعطيه أمَّته.

(قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) بالسَّند السَّابق إليه: (فَقَدْ ذَهَبَ) أي: فتُوفِّي (رَسُولُ اللهِ وَأَنْتُمْ تَلْغَثُونَهَا) بفوقيَّة مفتوحةٍ، فلامٍ ساكنةٍ، فغينٍ معجمةٍ مفتوحةٍ، فمثلَّثةٍ مضمومةٍ، وبعد الواو السَّاكنة نونٌ فهاءٌ، فألفٌ، من اللَّغيث بوزن «عظيمٍ»: طعامٌ مخلوطٌ بشعيرٍ، كذا في «المحكَم» عن ثعلب، أي: تأكلونها كيفما اتَّفق (أَوْ) قال: (تَرْغَثُونَهَا) «بالرَّاء» بدل: «اللَّام»، من الرَّغث، كنايةً عن العيش، وأصله: من رَغَثَ الجديُ أمَّه، إذا ارتضع منها، وأرغثته هي أرضعته، قاله القَزَّاز، والشَّكُّ من الرَّاوي، أي: وأنتم ترضعونها (أَوْ) قال (كَلِمَةً تُشْبِهُهَا) أي: تشبه إحدى الكلمتين المذكورتين، نحو ما سبق في «التَّعبير» [خ¦٦٦٩٨] «تنتثلونها» بالمثلَّثة وتاء الافتعال، أي: تستخرجونها.

والحديث من أفراده.


(١) «اللدنية»: مثبتٌ من (ع).
(٢) «السُّنَّة»: مثبتٌ من (ع)، وكذا هو في المواهب.
(٣) «بالإفراد»: مثبتٌ من غير (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>