للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليه (١)، والتَّأويل في اصطلاح العلماء: تفسير اللَّفظ بما يحتمله احتمالًا غير بيِّنٍ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ وَالقَلْبَ يَقْظَانُ) كرَّر «فقال بعضهم: إنَّه نائمٌ … » إلى آخره ثلاث مراتٍ، (فَقَالُوا: فَالدَّارُ) الممثَّل بها (٢) (الجَنَّةُ، وَالدَّاعِي مُحَمَّدٌ ) وفي حديث بن مسعودٍ عند أحمد: «أمَّا السَّيِّد فهو ربُّ العالمين، وأمَّا البنيان فهو الإسلام، وأمَّا الطَّعام فهو الجنَّة، ومحمَّدٌ الدَّاعي، فمن اتَّبعه كان في الجنَّة» (فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ) لأنَّه رسول الله صاحب المأدبة، فمن أجابه ودخل في دعوته أكل من المأدبة (وَمَنْ عَصَى مُحَمَّدًا فَقَدْ عَصَى اللهَ) فإن قلت: التَّشبيه يقتضي أن يكون مَثَل الباني هو مَثَل النَّبيِّ ، حيث قال: مثله كمثل رجلٍ بنى دارًا، لا مثل الدَّاعي، أجاب في «شرح المشكاة» فقال: قوله: «مثله (٣) كمثل رجل» مطلعٌ للتَّشبيه وهو يُنبِئ عن أنَّ هذا ليس من التَّشبيهات المفرَّقة؛ كقول امرئ القيس:

كأنّ قلوبَ الطَّيْرِ رطبًا ويابسًا … لدى وكرها العُنَّابُ والحَشَفُ البالي

شبَّه القلوب الرَّطبة بالعنَّاب، واليابسة بالحَشَف، على التَّفريق، بل هو من التَّمثيل الذي يُنتزَع فيه الوجهُ من أمور متعدِّدةٍ (٤) متوهَّمةٍ منضمٍّ (٥) بعضُها مع بعضٍ؛ إذ لو أريد التَّفريق لقيل: مثله كمثل داعٍ بعثه رجلٌ، ومن ثَمَّ قُدِّمت في التَّأويل «الدَّار» على «الدَّاعي» وعلى «المضيف» روعي في التَّأويل (٦) أدبٌ حسنٌ حيث لم يصرِّح المشبِّه بالرَّجل، لكنَّه لمَّح في قوله: «من أطاع الله» إلى ما يدلُّ على أنَّ المشبَّه من هو، قال الطِّيبيُّ: وتحريره أنَّ الملائكة مثَّلوا سبق رحمة الله تعالى على العالمين بإرساله (٧) الرَّحمة المهداة إلى الخلق، كما قال تعالى: ﴿وَمَا


(١) في غير (ب) و (س): «إذا فسر بما يؤل إليه الشيء» ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
(٢) «الممثل بها»: سقط من (د).
(٣) «مثله»: سقط من (د).
(٤) في (د): «معدودة».
(٥) في (ع): «فنظم»، وهو تحريفٌ.
(٦) في (ع): «التأويلات».
(٧) في (د): «بإرسال».

<<  <  ج: ص:  >  >>