للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لسان العرب، فالمراد الزَّجرُ عن الفواحش، والتَّحريم لها، والمنع منها، وقد بيَّن ذلك بقوله: (وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ) ﷿ (حَرَّمَ الفَوَاحِشَ) جمع فاحشةٍ، وهي كلُّ خصلةٍ قبيحةٍ من الأقوال والأفعال (مَا ظَهَرَ مِنْهَا) كنكاح الجاهليَّة الأمهات (وَمَا بَطَنَ) كالزِّنا (وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ) بالرَّفع خبرُ «لا» ولأبي ذرٍّ: «ولا أحدٌ» بالرَّفع منَّونًا «أحبُّ» (إِلَيْهِ العُذْرُ مِنَ اللهِ) برفع «أحبُّ» أيضًا في الفرع كأصله، أو بالنَّصب خبر «لا» على الحجازيَّة، و «العذر» رفعٌ فاعل «أحبُّ» والعُذر: الحُجَّة (وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ المُبَشِّرِينَ وَالمُنْذِرِينَ) بكسر الشِّين والذَّال المعجمتين، أي: بعث الرُّسل لخلقه قبل أخذهم بالعقوبة، وفي غير رواية أبي ذرٍّ: تقديم «المنذرين» على «المبشرين» وفي مسلمٍ: «بعث المرسلين مبشرين ومنذرين» (وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ المِدْحَةُ) بكسر الميم وسكون الدَّال المهملة مرفوعٌ فاعلٌ «أحبُّ» والمدح: الثناء بذكر أوصاف الكمال والإفضال (مِنَ اللهِ) ﷿ (وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللهُ الجَنَّةَ) من (١) أطاعه، وحذف أحد مفعولي «وعد» وهو «مَن أطاعه» للعلم به، قال القرطبيُّ: ذكر المدح مقرونًا بالغيرة والعذر بينهما (٢) لسعدٍ على ألَّا يعمل بمقتضى غيرته ولا يعجَل، بل يتأنَّى ويترفَّق ويتثبَّت (٣) حتَّى يحصل على وجه الصَّواب، فينال كمال الثَّناء والمدح والثَّواب؛ لإيثاره الحقَّ، وقمع نفسه وغلبتها عند هيجانها، وهو نحو قوله: «الشَّديد مَن يملك نفسه عند الغضب» [خ¦٦١١٤] وهو حديثٌ صحيحٌ متَّفقٌ عليه (٤).

(وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ) بضمِّ العين (بْنُ عَمْرٍو) بفتحها، ابن أبي الوليد الأسديُّ مولاهم الرَّقيُّ، فيما وصله الدَّارميُّ عن زكريا بن عديِّ عن عبيد الله بن عمرٍو (عَنْ عَبْدِ المَلِكِ) بن عمير بن سويدٍ الكوفيِّ، عن ورَّادٍ مولى المغيرة، عن المغيرة قال: يبلغ به النَّبيَّ : (لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ) قال الخطَّابيُّ: إطلاق الشَّخص في صفات الله ﷿ غير جائزٍ؛ لأنَّ الشَّخص لا يكون إلَّا جسمًا مؤلَّفًا، فخليقٌ ألَّا تكون هذه (٥) اللَّفظة صحيحة، وأن تكون تصحيفًا من


(١) في غير (ب) و (س): «لمن».
(٢) كذا وفي فتح الباري (١٣/ ٤٠٠): «تنبيهًا» وهي الصواب.
(٣) «ويتثبت»: ليس في (د).
(٤) شرح هذا الحديث من أوله إلى هنا: جاء في (د) و (ع) و (ل) لاحقًا بعد قوله: «كما صنعه الخطَّابيُّ».
(٥) في (ب): «هذا».

<<  <  ج: ص:  >  >>