للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنْ تَسْأَلَ (١) غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، وَيُعْطِي) الله (مَا شَاءَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَإِذَا قَامَ إِلَى بَابِ الجَنَّةِ انْفَهَقَتْ) بنونٍ ساكنةٍ ففاءٍ فهاءٍ فقافٍ مفتوحات ففوقيَّة: انفتحتْ واتَّسَعَتْ (لَهُ الجَنَّةُ، فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الحَبْرَةِ) بفتح الحاء المهملة وسكون الموحَّدة: من النِّعمة وسَعَةِ العيش (وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللهُ) ﷿ (أَنْ يَسْكُتَ ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَدْخِلْنِي الجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللهُ) ﷿: (أَلَسْتَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ مَا أُعْطِيتَ؟ فَيَقُولُ) وفي الفرع كأصله ضُبِّب على «فيقول» هذه: (وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، لَا أَكُونَنَّ) بنون التّوكيد الثّقيلة، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والكُشْمِيهَنيِّ: «لا أكون» بإسقاطها (أَشْقَى خَلْقِكَ) قال في «الكواكب»: فإن قلت: هذا ليس بأشقى؛ لأنَّه خلص مِنَ العذاب، وزُحزِحَ عن النّار وإنْ لم يدخل الجنَّة، قلت: يعني أشقى أهل التّوحيد الذي هم أبناء جنسه فيه، وقال الطِّيبيُّ: فإن قلت: كيف طابق (٢) هذا الجواب قوله: أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك (٣)؟ قلت: كأنَّه قال: يا رب بلى أعطيت العهود والمواثيق، ولكن تأمَّلت كرمَك وعفوك ورحمتك، وقوله تعالى: ﴿وَلَا (٤) تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: ٨٧] فوقفتُ على أنِّي لستُ مِنَ الكفَّار الذين أيسوا من رحمتك وطمعت في كرمك وسَعَة رحمتك، فسألت ذلك، وكأنَّه تعالى رضي بهذا القول فضحك كما قال: (فَلَا يَزَالُ يَدْعُو) الله تعالى (حَتَّى يَضْحَكَ اللهُ) ﷿ (مِنْهُ) المراد: لازم الضحك وهو الرِّضا (فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ قَالَ لَهُ: ادْخُلِ الجَنَّةَ، فَإِذَا دَخَلَهَا قَالَ اللهُ) ﷿ (لَهُ: تَمَنَّهْ) بهاءِ السَّكْتِ (فَسَأَلَ (٥) رَبَّهُ) ﷿ (وَتَمَنَّى، حَتَّى إِنَّ اللهَ لَيُذَكِّرُهُ) أي: ليُذِّكر المتمنِّي (يَقُولُ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «ويقول له: تمنَّ» (كَذَا وَكَذَا) يسمِّي له أجناسَ ما يتمنَّى فضلًا منه ورحمةً (حَتَّى انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ) جمع أمنيَّة (قَالَ اللهُ) ﷿: (ذَلِكَ) الذي سألت (لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ) قال الدَّمامينيُّ في «مصابيحه»: فإن قلت: قد علم أنَّ الدّار الآخرة ليست دار تكليف، فما الحكمة في تكرير أخذ العهود والمواثيق


(١) في (د): «تسألني».
(٢) في (ع): «يطابق».
(٣) في (د) و (ع): «العهود والمواثيق».
(٤) في (د) و (س): «لا»، وكذا هو في شرح المشكاة.
(٥) في (ع): «فيسأل».

<<  <  ج: ص:  >  >>