للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه ألَّا يسأل غير ما أُعطيَه مع أنَّ إخلافه لقوله، وما تقتضيه يمينه لا إثمَ عليه فيه؟ قلت: الحكمة فيه ظاهرةٌ، وهي إظهار التمنُّنِ عليه (١) والإحسان إليه مع تكريره لنقض عهوده ومواثيقه، ولا شكَّ أنَّ للمنَّةِ في نفس العبد (٢) مع هذه الحالة التي اتَّصف بها (٣) وَقْعًا عظيمًا، وقال الكلاباذيُّ فيما نقله عنه في «الفتح»: سكوت هذا العبد أوَّلًا عن السّؤال؛ يعني: في قوله في الحديث: «فيسكتُ ما شاءَ اللهُ» حياءً من ربِّه، والله يحبُّ أن يسأل؛ لأنَّه يحبُّ صوت عبده المؤمن، فباسَطَهُ أوَّلًا بقوله: لعلَّك إن أُعطيت هذا تسأل غيره، وهذه حالة المقصِّر، فكيف حالة المطيع، وليس نَقْضُ هذا العبد عهده وتَرْكُه ما أقسم عليه جهلًا منه ولا قلَّة مبالاةٍ، بل عِلمًا منه بأنَّ نقض هذا العهد أَولى مِنَ الوفاء به؛ لأنَّ سؤاله ربَّه أولى من ترك السّؤال، وقد قال : «من حلف على يمينٍ فرأى غيرَها (٤) خيرًا منها فليكفَّر عن يمينه، وليأْتِ الذي هو خير» [خ¦٤٣٨٥] فعمل هذا العبد على وَفق هذا الخبر (٥)، والتكفير قد ارتفع عنه في الآخرة.

(قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ) الرَّاوي: (وَأَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ) جالسٌ وهو يحدِّث بهذا الحديث (لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا) ولا يغيِّره (حَتَّى إِذَا حَدَّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ اللهَ قَالَ: ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ: وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا حَفِظْتُ إِلَّا قَوْلَهُ: ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ: أَشْهَدُ أَنِّي (٦) حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ قَوْلَهُ: ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ) وجُمع (٧) بينهما باحتمال أن يكون أبو هريرة سمع أوَّلًا قوله: «ومثله معه» ثمَّ تكرَّم الله فزاد ما في رواية أبي سعيدٍ، ولم يسمعه أبو هريرة (قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) : (فَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا الجَنَّةَ (٨)).


(١) قوله: «عليه» زيادة من مصابيح الجامع (١٠/ ٢٠٩).
(٢) في (د): «في نقض العهد»، ولا يصحُّ.
(٣) «بها»: ليس في (ج) و (ل).
(٤) «غيرها»: مثبتٌ من (ع).
(٥) في (ع): «الخير».
(٦) زيد في (د): «قد»، وفي (ع): «بأني قد».
(٧) في (د) و (ع): «يجمع».
(٨) «الجنَّة»: سقط من (د) و (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>