(كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ) بكسر الحاء المهملة وتشديد الموحَّدة: اسمٌ جامعٌ لحبوب البقول (١)(فِي حَمِيلِ السَّيْلِ) ما يحمله من نحو طين، فإذا اتفقت فيه الحبَّة واستقرت على شطِّ مجرى السَّيل نبتت في يومٍ وليلةٍ، فشُبِّه به؛ لسرعة نباته وحُسنِه (قَدْ رَأَيْتُمُوهَا إِلَى جَانِبِ الصَّخْرَةِ إِلَى) ولأبي ذرٍّ: «وإلى»(جَانِبِ الشَّجَرَةِ، فَمَا كَانَ إِلَى) جهة (الشَّمْسِ مِنْهَا كَانَ أَخْضَرَ، وَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَى) جهة (الظِّلِّ كَانَ أَبْيَضَ، فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ) بياضًا ونَضارةً (فَيُجْعَلُ) بضمِّ التَّحتيَّة وفتح العين (فِي رِقَابِهِمُ الخَوَاتِيمُ): شيءٌ من ذهبٍ أو غيره علامةً يُعرفون بها (فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، فَيَقُولُ أَهْلُ الجَنَّةِ: هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ، أَدْخَلَهُمُ الجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ) في الدُّنيا (وَلَا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ) فيها بل برحمته تعالى ومجرَّد الإيمان، دون أمرٍ زائدٍ من عملٍ صالحٍ (فَيُقَالُ لَهُمْ) إذا نظروا في الجنَّة إلى أشياء ينتهي إليها بصرهم: (لَكُمْ مَا رَأَيْتُمْ وَمِثْلُهُ مَعَهُ).
وفيه: أنَّ جماعةً من مذنبي هذه الأمَّة يعذَّبون بالنَّار، ثمَّ يخرجون بالشَّفاعة والرَّحمة، خلافًا لمن نفى ذلك عن هذه الأمَّة، وتأوَّل ما ورد بضروبٍ متكلَّفةٍ، والنُّصوص الصَّريحة متضافرةٌ متظاهرةٌ بثبوت ذلك، وإنَّ تعذيب الموحِّدين بخلاف تعذيب الكفَّار؛ لاختلاف مراتبهم: من أخذ النَّار بعضهم إلى السَّاق، وأنَّها لا تأكل أثر السُّجود، وأنَّهم يموتون على ما ورد في حديث أبي سعيدٍ بلفظ:«يموتون فيها إماتةً» فيكون عذابهم فيها إحراقهم وحبسهم عن دخول الجنَّة سريعًا كالمسجونين، بخلاف الكفَّار الذين لا يموتون أصلًا ليذوقوا العذاب، ولا يحيون حياةً يستريحون بها، على أنَّ بعض أهل العلم أَوَّلَ حديث أبي سعيدٍ بأنَّه