للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه، وللأَصيليِّ: «يغفر الذُّنوب ويأخذ بها» (غَفَرْتُ لِعَبْدِي) ذنبه، أو قال (١): ذنوبه (ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ) من الزَّمان (ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا) آخر، وفي رواية حمَّادٍ عند مسلمٍ: «ثمَّ عاد فأذنب» (أَوْ) قال: (أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَالَ): يا (رَبِّ أَذْنَبْتُ -أَوْ) قال: (أَصَبْتُ-) ذنبًا (آخَرَ فَاغْفِرْهُ) لي، وللأَصيليِّ: «فاغفر لي» (فَقَالَ) ربُّه: (أَعَلِمَ) وللأَصيليِّ: «علم» (عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ) ويعاقب فاعله عليه؟ (غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ) من الزَّمان (ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا) آخر (-وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَابَ ذَنْبًا- قَالَ) (٢): يا (رَبِّ أَصَبْتُ، أَوْ قَالَ) سقط لفظ «قال» لغير أبي ذرٍّ: (أَذْنَبْتُ) ذنبًا (آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي) كذا بالشَّكِّ في هذه المواضع المذكورة كلِّها في هذا الحديث من هذا الوجه، ورواه حمَّاد بن سلمة عن إسحاق عند مسلمٍ بلفظ: «عن النَّبيِّ فيما يروي عن ربِّه ﷿ قال: أذنب عبدي ذنبًا» ولم يشكَّ، وكذا في بقيَّة المواضع (فَقَالَ) ربُّه (٣): (أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي -ثَلَاثًا-) أي: الذُّنوب الثَّلاثة، وسقط لفظ «ثلاثًا» لأبي ذرٍّ كقوله: (فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ) إذا كان هذا دأبه يذنب الذَّنب فيتوب منه ويستغفر، لا أنَّه يذنب الذَّنب ثمَّ يعود إليه، فإنَّ هذه توبة الكذَّابين، ويدلُّ له قوله: «أصاب ذنبًا آخر» كذا قرَّره المنذريُّ، وقال أبو العبَّاس في «المفهم»: هذا الحديث يدلُّ على عظم فائدة الاستغفار، وكثرة فضل الله وسعة رحمته وحلمه وكرمه، لكنَّ هذا الاستغفار هو الذي يثبت معناه في القلب مقارنًا للِّسان؛ لتنحلَّ به عقدة الإصرار ويحصل مع النَّدم، ويشهد له حديث: «خياركم كل مُفتَنٍ توَّابٍ» أي: الذي يتكرَّر منه الذَّنب والتَّوبة، فكلَّما وقع في ذنبٍ عاد إلى التَّوبة، لا من قال: أستغفر الله، بلسانه، وقلبُه مُصِرٌّ على تلك المعصية، فهذا الذي استغفاره يحتاج إلى استغفارٍ، وفي حديث ابن عبَّاسٍ عند ابن أبي الدُّنيا مرفوعًا: «التَّائب من الذَّنب كمن لا ذنب له، والمستغفر من الذَّنب وهو مقيمٌ عليه كالمستهزئ بربِّه» لكنَّ الرَّاجح أنَّ قوله: «والمستغفر … » إلى آخره موقوفٌ، وقال ابن بطَّالٍ في هذا الحديث: إنَّ المصرَّ على المعصية في مشيئة الله إن شاء عذَّبه، وإن شاء غفر له مغلِّبًا لحسنته التي جاء بها، وهي اعتقاد أنَّ له ربًّا خالقًا يعذِّبهُ ويغفر له، واستغفاره إيَّاه على ذلك


(١) «قال»: ليس في (ب).
(٢) زيد في (د): «قال»، وهو تكرارٌ.
(٣) في (ص): «له».

<<  <  ج: ص:  >  >>