للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يدلُّ عليه قوله تعالى: ﴿مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠] ولا حسنة أعظم من التَّوحيد، فإن قيل: إنَّ استغفاره ربَّه توبةٌ منه قلنا: ليس الاستغفار أكثر من طلب المغفرة، وقد يطلبها المصرُّ والتَّائب، ولا دليل (١) في الحديث على أنَّه تاب ممَّا سأل الغفران عنه؛ لأنَّ حدَّ التَّوبة الرُّجوع عن الذَّنب والعزم ألَّا يعود إليه والإقلاع عنه، والاستغفار بمجرَّده لا يُفهَم منه ذلك، وقال السُّبكيُّ في «الحلبيَّات»: الاستغفار طلب المغفرة إمَّا باللِّسان أو بالقلب أو بهما، فالأوَّل: فيه نفعٌ لأنَّه خيرٌ من السُّكوت، ولأنَّه يعتاد قول الخير، والثَّاني: نافعٌ جدًّا، والثَّالث: أبلغ منه، لكن لا يمحِّصان الذَّنب حتَّى توجد التَّوبة منه (٢)، فإنَّ العاصي المصرَّ يطلب المغفرة ولا يستلزم ذلك وجود التَّوبة إلى أن قال: والذي ذكرته من أنَّ معنى الاستغفار غير معنى التَّوبة هو بحسب وضع اللَّفظ، لكنَّه غلب عند كثيرٍ من النَّاس أنَّ لفظ «أستغفر الله» معناه التَّوبة، فمن كان ذلك معتقده فهو يريد التَّوبة لا محالة، ثمَّ قال: وذكر بعضهم أنَّ التَّوبة لا تتمُّ إلَّا بالاستغفار لقوله تعالى: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ﴾ [هود: ٣] والمشهور أنَّه لا يُشتَرط، وقال بعضهم: يكفي في التَّوبة تحقُّق النَّدم على وقوعه منه، فإنَّه يستلزم الإقلاع عنه والعزم على عدم العود، فهما ناشئان عن النَّدم لا أصلان معه، ومن ثمَّ جاء (٣) الحديث: «النَّدم توبةٌ» وهو حديثٌ حسنٌ من حديث ابن مسعودٍ، أخرجه ابن ماجه وصحَّحه الحاكم، وأخرجه ابن حبَّان من حديث أنسٍ وصحَّحه (٤). انتهى. ملخَّصًا من «فتح الباري».

وسقط للأَصيليِّ «فقال: أَعَلِمَ عبدي أنَّ له ربًّا» الثَّالثة إلى آخر الحديث، ومطابقته للتَّرجمة في قوله: «فقال (٥) ربُّه» وفي قوله: فقال: «أَعَلِمَ عبدي؟».

وأخرجه مسلمٌ في «التَّوبة» والنَّسائيُّ في «اليوم واللَّيلة».


(١) في (ب) و (س): «دلالة».
(٢) قوله: «منه»: جاء في غير (ب) و (س) بعد قوله لاحقًا: «وجود التَّوبة».
(٣) زيد في (د): «في».
(٤) قوله: «وقال بعضهم: يكفي في التَّوبة تحقُّق … من حديث أنسٍ وصحَّحه» جاء في (د) و (ع) بعد قوله سابقًا: «لا يُفهَم منه ذلك».
(٥) زيد في (ب) و (س): «له».

<<  <  ج: ص:  >  >>