للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما: أنَّه إذا دار الأمر بين كون المحذوف فعلًا والباقي فاعلًا، وكونه مبتدأً والباقي خبرًا؛ فالثَّاني أولى؛ لأنَّ المبتدأ عين الخبر، فالمحذوف عين الثَّابت، فيكون حذفًا كَلَا حذفٍ، وأمَّا الفعل فإنَّه غير الفاعل.

الوجه الثَّاني: أنَّ التَّشاكل بين جملتي السُّؤال والجواب مطلوبٌ، ولا خفاء بأنَّ قوله: «ما حملك على أن فعلت ما فعلت؟» جملةٌ اسميَّةٌ، فليكن جوابها كذلك؛ لمكان المناسبة، ولك على هذا أن تجعل «مخافتك» مبتدأً والخبر محذوفٌ، أي: حَمَلَتْنِي (١). انتهى.

(قَالَ: فَمَا تَلَافَاهُ) بالفاء (أَنْ) بفتح الهمزة، أي: بأن (رَحِمَهُ عِنْدَهَا) قال في «الكواكب»: مفهومه عكس المقصود، ثمَّ أجاب بأنَّ «ما» موصولةٌ، أي: الذي تلافاه هو الرَّحمة، أو نافيةٌ وكلمة الاستنثاء محذوفةٌ عند من جوَّز حذفها، قال البدر الدَّمامينيُّ: وهو رأي السُّهيليِّ، والمعنى فما تلافاه إلَّا برحمته، ويؤيِّد هذا قوله: (وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: فَمَا تَلَافَاهُ غَيْرُهَا) قال سليمان التَّيميُّ: (فَحَدَّثْتُ بِهِ) بهذا الحديث (أَبَا عُثْمَانَ) عبد الرَّحمن النَّهديَّ (فَقَالَ: سَمِعْتُ هَذَا) الحديث (مِنْ سَلْمَانَ) الفارسيِّ الصَّحابيِّ كما رويته (غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ: أَذرُونِي (٢) فِي البَحْرِ) أي: ذروه في يوم عاصف في البحر (أَوْ كَمَا حَدَّثَ).

وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى) بن إسماعيل التَّبوذكيُّ قال: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ) هو ابن سليمان (وَقَالَ) في روايته: (لَمْ يَبْتَئِرْ) بالرَّاء المهملة. (وَقَالَ خَلِيفَةُ) بن خيَّاطٍ الشَّيخ المصنِّف: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ) المذكور (وَقَالَ: لَمْ يَبْتَئِزْ) بالزَّاي المعجمة (فَسَّرَهُ قَتَادَةُ) بن دعامة: (لَمْ يَدَّخِرْ) خرَّجه الإسماعيليُّ، قال في «المصابيح»: قال السَّفاقسيُّ: وعند المعتزلة أنَّ هذا الرَّجل إنَّما غُفِر له من أجل توبته التي تابها؛ لأنَّ قبول التَّوبة واجبٌ عقلًا، والأشعريُّ: قطع بها سمعًا، وغيره: جوَّز القبول كسائر الطَّاعات، وقال ابن المنيِّر: قبول التَّوبة عند المعتزلة واجبٌ على الله تعالى عقلًا، وعندنا واجبٌ بحكم الوعد والتَّفضُّل والإحسان، لنا وجوهٌ:

الأوَّل: الوجوب لا يتقرَّر (٣) معناه إلَّا إذا كان بحيث لو لم يفعله الفاعل استحقَّ الذَّمَّ، فلو


(١) في (ص): «حملني».
(٢) «أذروني»: مثبتٌ من (د) و (ع)، وكذا في «اليونينيَّة».
(٣) في (د): «يتصوَّر».

<<  <  ج: ص:  >  >>