للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجب القبول على الله تعالى لكان بحيث لو لم يقبل لصار مستحقًّا للذَّمِّ، وهو محالٌ؛ لأنَّ من كان كذلك فإنَّه يكون مستكملًا بفعل القبول، والمستكمل بالغير ناقصٌ لذاته، وذلك في حقِّ الله تعالى محالٌ.

الثَّاني: أنَّ الذَّمَّ إنَّما يمنع من الفعل من كان يتأذَّى بسماعه، وينفر عنه طبعه، ويظهر له (١) بسببه نقصان حالٍ، أمَّا من كان متعاليًا عن الشَّهوة والنُّفرة والزِّيادة والنُّقصان لم يُعقَل تحقُّق الوجوب في حقِّه بهذا المعنى.

الثَّالث: أنَّه تعالى تمدَّح بقبول التَّوبة في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾ [التوبة: ١٠٤] ولو كان ذلك واجبًا لما تمدَّح به؛ لأنَّ أداء الواجب لا يفيد المدح والثَّناء والتَّعظيم، قال بعض المفسِّرين: قبول التَّوبة من الكفر يُقطَع به على الله تعالى إجماعًا، وهذه نازلة (٢) هذه الآية، وأمَّا المعاصي فيُقطَع بأنَّ الله تعالى يقبل التَّوبة منها من طائفةٍ من الأمَّة، واختُلِف (٣) هل يقبل توبة الجميع؟ وأمَّا إذا عُيِّن إنسانٌ تائبٌ فيُرجَى (٤) قبول توبته ولا يُقطَع به على الله تعالى، وأمَّا إذا فرضنا تائبًا غير مُعيَّنٍ صحيح التَّوبة فقيل: يُقطَع على الله بقبول توبته، وعليه طائفة، فيها (٥) الفقهاء والمحدِّثون؛ لأنَّه تعالى أخبر بذلك عن نفسه، وعلى هذا يلزم أن يقبل توبة جميع التَّائبين، وذهب أبو المعالي وغيره إلى أنَّ ذلك (٦) لا يُقطَع به على الله بل يقوى في الرَّجاء، والقول الأوَّل أرجح، ولا فرق بين التَّوبة من الكفر والتَّوبة من المعاصي بدليل أنَّ الإسلام يجبُّ ما قبله، والتَّوبة تجبُّ ما قبلها. انتهى.

والحديث سبق في «ذكر بني إسرائيل» [خ¦٣٤٧٨] وفي «الرِّقاق» [خ¦٦٤٨١].


(١) «له»: ليس في (ص).
(٢) في كلِّ الأصول: «نزلة»، وصححت في (ب) و (س) إلى المثبت.
(٣) زاد في (ص) و (ع): «فيها».
(٤) في (ص): «فيترجَّى».
(٥) في (د): «منها».
(٦) في (د): «هذا».

<<  <  ج: ص:  >  >>