للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصَّلاة (فَأُحَرِّقَُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ) بالنَّار عقوبةً لهم، وقيَّد بالرِّجال ليخرج الصِّبيان والنِّساء، ومفهومه: أنَّ العقوبة ليست قاصرةً على المال، بل المراد تحريق المقصودين وبيوتهم، و «أحرِّقَُ» بتشديد الرَّاء وفتح القاف وضمِّها كسابقه، وهو مشعرٌ بالتَّكثير والمبالغة في التَّحريق، وبهذا استدلَّ الإمام أحمد ومن قال إنَّ الجماعة فرض عينٍ؛ لأنَّها لو كانت سنَّةً لم يهدِّد تاركها بالتَّحريق، ولو كانت فرض كفايةٍ لكان قيامه ومن معه بها كافيًا. وإلى ذلك ذهب عطاءٌ والأوزاعيُّ وجماعةٌ من محدِّثي الشَّافعيَّة كابني خزيمة وحبَّان وابن المنذر وغيرهم من الشَّافعيَّة، لكنَّها ليست بشرطٍ في صحَّة الصَّلاة كما قاله في «المجموع»، وقال أبو حنيفة ومالكٌ: هي سنَّةٌ مؤكَّدةٌ، وهو وجهٌ عند الشَّافعيَّة لقوله فيما رواه الشَّيخان [خ¦٦٤٥]: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذِّ بسبعٍ وعشرين درجةً» ولمواظبته عليها بعد الهجرة، وقرأت في شرح «المجمع» لابن فرشتاه (١) ممَّا عزاه العينيُّ لشرح «الهداية» وأكثر المشايخ: على أنَّه واجبٌ، وتسميته (٢) سنَّةٌ لأنَّه ثابتٌ بالسُّنَّة. انتهى. وظاهر نصِّ الشَّافعيِّ أنَّها فرض كفايةٍ، وعليه جمهور أصحابه المتقدِّمين وصحَّحه النَّوويُّ في «المنهاج» كـ «أصل الرَّوضة»، وبه قال بعض المالكيَّة، واختاره الطَّحاويُّ والكرخيُّ وغيرهما من الحنفيَّة لحديث أبي داود وصحَّحه ابن حبَّان وغيره (٣): «ما من ثلاثةٍ في قريةٍ أو بَدْوٍ لا تُقام فيهم الصَّلاة إلَّا استحوذ عليهم الشَّيطان» أي: غلب،


(١) في (س): «قرشتاه».
(٢) في (ب) و (س): «أنَّها واجبةٌ وتسميتها».
(٣) «وغيره»: ليس في (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>