للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويمكن أن يُقال: التَّهديد بالتَّحريق وقع في حقِّ تاركي فرض الكفاية لمشروعيَّة قتال تاركي فرض الكفاية، وأُجيب عن حديث الباب بأنَّه همَّ ولم يفعل، ولو كانت فرض عينٍ لمَا تركهم، أو أنَّ فرضيَّة (١) الجماعة نُسِخت، أو أنَّ الحديث ورد في قومٍ منافقين يتخلَّفون عن الجماعة ولا يصلُّون كما يدلُّ عليه السِّياق، فليس التَّهديد لترك الجماعة بخصوصه، فلا يتمَّ الدليل، وتُعقِّب بأنَّه يبعُدُ اعتناؤه بتأديب المنافقين على تركهم الجماعة مع علمه بأنَّه لا صلاة لهم. وقد كان معرضًا عنهم وعن عقوبتهم مع علمه بطويَّتهم، وأُجيب بأنَّه لا يتمُّ إِلَّا إن ادَّعى أنَّ ترك معاقبة المنافقين كان واجبًا عليه، ولا دليل على ذلك، وإذا ثبت أنَّه كان مُخيَّرًا فليس في إعراضه عنهم ما يدلُّ على وجوب ترك عقوبتهم، وفي قوله في الحديث الآتي -إن شاء الله تعالى- بعد أربعة أبوابٍ [خ¦٦٥٧]: «ليس صلاةٌ أثقلَ على المنافقين من العشاء والفجر» دلالةٌ على أنَّه ورد في المنافقين، لكنَّ المراد: نفاق المعصية لا نفاق الكفر، كما يدلُّ عليه حديث أبي هريرة المرويِّ في «أبي داود»: «ثمَّ آتي قومًا يصلُّون في بيوتهم ليست بهم علَّةٌ»، نعم سياق حديث الباب يدلُّ على الوجوب من جهة المبالغة في ذمِّ من تخلَّف عنها، ومحلُّ الخلاف إنَّما هو في غير (٢) الجمعة، أمَّا هي فالجماعة فيها (٣) شرطٌ في صحَّتها، وحينئذٍ فتكون فيها فرض عينٍ، ثمَّ إنَّ التَّقييد بالرِّجال في قوله: «ثمَّ أخالف إلى رجالٍ» يُخرِج الصِّبيان والنِّساء، فليست في حقِّهنَّ فرضًا جزمًا، والخلاف السَّابق في المُؤدَّاة،


(١) في (ص) و (م): «فريضة».
(٢) زيد في (م): «يوم».
(٣) «فيها»: مثبتٌ من (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>