للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن يقال، كما يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى، وقوله: «كنَّا» ليس من قبيل المرفوع حتَّى يكون منسوخًا بقوله: «إنَّ اللهَ هو السَّلام» لأنَّ النَّسخ إنَّما يكون فيما يصحُّ معناه، وليس تكرر ذلك منهم (١) مظنَّةَ سماعِه له منهم لأنَّه في التَّشهُّد، والتَّشهُّد سرٌّ. (فَالتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ فَقَالَ) ظاهره أنَّه كلَّمهم في أثناء الصَّلاة، لكن في رواية حفصِ بنِ غياثٍ [خ¦٦٢٣٠] أنَّه بعد الفراغ من الصَّلاة، ولفظه: «فلمَّا انصرف النبي من الصَّلاة قال»: (إِنَّ اللهَ هُوَ السَّلام) أي: إنَّه اسم من أسمائه تعالى، ومعناه: السَّالم من سِمَات الحدوث، أو المُسلِّم عبادَه من المهالك، أو المُسلِّم على عباده في الجنَّة، أو أنَّ كلَّ سلامٍ ورحمةٍ له ومنه، وهو مالكهما ومعطيهما، فكيف يُدعَى له بهما وهو المدعوُّ؟ وقال ابن الأنباريِّ: أمرهم أن يصرفوه إلى الخلق لحاجتهم إلى السَّلامة، وغناه سبحانه عنها (فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ) قال ابن رُشَيدٍ (٢): أي: أتمَّ صلاته، لكن تعذَّر الحمل على الحقيقة لأنَّ التَّشهُّد لا يكون بعد السَّلام، فلمَّا تعيَّن المجاز كان حمله على آخر جزء من الصَّلاة أولى لأنَّه الأقرب (٣) إلى الحقيقة وقال العينيُّ: أي: إذا أتمَّ صلاته بالجلوس في آخرها فليقل، وفي رواية حفصِ بنِ غياثٍ: «فإذا جلس أحدُكم في الصَّلاة» (فَلْيَقُل) بصيغة الأمر المُقْتَضِيَة للوجوب، وفي حديث ابن مسعودٍ عند الدَّارقُطنيِّ بإسنادٍ صحيحٍ: «وكنَّا لا ندري ما نقولُ قبل


(١) في (م): «منه».
(٢) في (ص) و (م): «رشد».
(٣) في (ب) و (د) و (ص): «أقرب».

<<  <  ج: ص:  >  >>