للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن يُفْرَض علينا التَّشهُّد» (التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ) جمع تحيَّةٍ وهي السَّلام، أو البقاء، أو الملك، أو السَّلامة من الآفات، أو العظمة؛ أي (١): أنواع التَّعظيم له، وجُمِعَ لأنَّ الملوك كان كلُّ واحد (٢) منهم يحييه أصحابُه بتحيِّةٍ مخْصوصة، فقيل: جميعها لله، وهو المُسْتَحقُّ لها (٣) حقيقةً (وَالصَّلَوَاتُ) أي: الخمسُ واجبةٌ للهِ، لا يجوز أن يُقْصَدَ بها غيره، أو هو إخبارٌ عن قصد إخلاصنا له تعالى، أو العبادات كلُّها، أو الرَّحمة لأنَّه المُتَفضِّل بها (وَالطَّيِّبَاتُ) الَّتي يصلح أن يثني على الله بها دون ما لا يليق به، أو ذكر الله، أو الأقوال الصَّالحة، أو «التَّحيات»: العبادات القوليَّة، و «الصَّلوات»: العبادات الفعليَّة، و «الطَّيِّبات»: العبادات الماليَّة، وأتى بـ «الصَّلوات» و «الطَّيِّبات» منسوقًا بالواو؛ لعطفه على «التَّحيَّات»، أو أنَّ «الصَّلوات» مبتدأ خبره محذوف، والطَّيِّبات معطوف عليها، فالأولى: عطف الجملة على الجملة، والثَّانية: عطف المفرد على الجملة، قاله البيضاويُّ، وقال ابن مالك: إذا جُعِلَت التَّحيَّات مبتدأً، ولم تكن صفةً لموصوفٍ محذوفٍ؛ كان قولُك: «والصَّلوات» مبتدأً لئلَّا يعطف نعت على منعوته، فيكون من باب عطف الجمل بعضَها على بعضٍ، وكلُّ جملة مستقلَّة بفائدتها (٤)، وهذا المعنى لا يوجد عند إسقاط الواو، وقال العينيُّ: كلُّ واحد من «الصَّلوات» و «الطَّيِّبات» مبتدأ حذف خبره، أي: الصَّلواتُ لله، والطَّيِّبات لله، فالجملتان معطوفتان على الأولى؛ وهي «التَّحيَّات لله» (السَّلَامُ) أي: السَّلامة من المكاره، أو السَّلام الَّذي وُجِّه إلى الرُّسل والأنبياء، أو الَّذي سلَّمه الله عليك ليلة المعراج (عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ) فـ «ال» للعهد التَّقديريِّ (٥)، أو المراد: حقيقة السَّلام الَّذي يعرفه كلُّ أحدٍ، وعمَّن يصدر، وعلى من ينزل، فتكون «ال» للجنس، أو هي للعهد الخارجيِّ؛ إشارةً إلى قوله تعالى: ﴿وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل: ٥٩]. وأصل (٦) «سلامٌ عليك»: سلَّمت سلامًا، ثمَّ حُذِف الفعل وأُقِيم


(١) في (د): «أو».
(٢) «واحد»: ليس في (م).
(٣) في (م): «له».
(٤) في (م): «لفائدتها».
(٥) في غير (م): «التَّقريريِّ».
(٦) في (م): «أصله».

<<  <  ج: ص:  >  >>