للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلأنَّ وجود إلهين مُحالٌ؛ إذ لو فرضنا وجودهما لكان كلُّ واحدٍ منهما قادرًا على كلِّ المقدورات، فلو فرضنا أنَّ أحدهما أراد تحريك يد (١) زيدٍ والآخر تسكينها (٢): فإمَّا أن يقع المرادان، وهو محالٌ لاستحالة الجمع بين الضِّدَّين، أو لا يقع واحدٌ منهما، وهو محالٌ لأنَّ المانع من وجود مرادِ كلِّ واحدٍ منهما حصولُ مراد الآخر، ولا يمتنع وجود مراد هذا إلَّا عند وجود مراد الآخر، وبالعكس، فلو امتنعا معًا لوُجِدا معًا وذلك محالٌ لوجهين:

الأوَّل: أنَّه لمَّا كان كلُّ واحدٍ منهما قادرًا على ما لا نهاية له امتنع كون أحدهما أقدر من الآخر، بل يستويان في القدرة، فيستحيل أن يصير مراد أحدهما أَوْلى بالوقوع من الآخر؛ إذ يلزم ترجيح أحد المتساويين من غير مرجِّحٍ، وهذا محالٌ.

الثَّاني: أنَّه إن وقع مراد أحدهما دون الآخر فالَّذي يحصل مرادهُ إلهٌ قادرٌ، والَّذي لا يحصل مراده عاجزٌ، فلا يكون إلهًا.

وأمَّا ثانيًا: فلقوله (٣) تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ١٦٣] ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١] و ﴿لَا تَتَّخِذُواْ إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ﴾ [النحل: ٥١] ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ﴾ [الحديد: ٣] و «الأوَّل»: هو الفرد السَّابق، وذلك يقتضي أن لا شريك له، وهو تأكيدٌ لقوله: «وحده» لأنَّ المتَّصف بالوحدانيَّة لا شريك له.

(لَهُ المُلْكُ) بضمِّ الميم، أي: أصناف المخلوقات (وَلَهُ الحَمْدُ) زاد الطَّبرانيُّ من طريقٍ أخرى عن المغيرة: «يحيي ويميت، وهو حيٌّ لا يموت، بيده الخير» (وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ) أي: الَّذي أعطيته (وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ) أي: الَّذي منعته،


(١) «يد»: مثبتٌ من (م).
(٢) في غير (ص) و (م): «تسكينه».
(٣) في غير (ب) و (س): «فقوله».

<<  <  ج: ص:  >  >>