للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وزاد في «مُسند عبد بن حُمَيْدٍ» من رواية مَعْمَرٍ عن عبد الملك بن عُمَيْرٍ بهذا الإسناد: «ولا رادَّ لما قضيت» وقد أجاز البغداديُّون -كما نبَّه عليه صاحب «المصابيح» - ترك تنوين الاسم المُطوَّل، فأجازوا: لا طالع جبلًا، أجروه في ذلك مجرى المضاف كما أُجرِي (١) مجراه في الإعراب، قال ابن هشامٍ: وعلى ذلك يتخرَّج الحديث، وتبعه الزَّركشيُّ في «تعليق العمدة»، قال الدَّمامينيُّ: بل يتخرَّج الحديث (٢) على قول البصريِّين أيضًا بأن يجعل «مانع» اسم «لا» مفردًا مبنيًّا معها؛ إمَّا لتركيبه معها تركيب «خمسة عشر»، وإمَّا لتضمُّنه معنى «مِن» الاستغراقيَّة، على الخلاف المعروف في المسألة، والخبر محذوفٌ، أي: لا مانعَ مانعٌ لِمَا أعطيت، واللَّام للتَّقوية، فلك أن تقول: تتعلَّق، ولك أن تقول: لا تتعلَّق، وكذا القول في: «ولا معطي لما منعت»، وجوَّز الحذف ذكر مثل المحذوف، وحسَّنه (٣) دفع التَّكرار، فظهر بذلك أنَّ التَّنوين على رأي البصريِّين ممتنعٌ، ولعلَّ السِّرَّ في العدول عن تنوينه إرادة التَّنصيص على الاستغراق، ومع التَّنوين يكون الاستغراق ظاهرًا لا نصًّا. فإن قلت: إذا نُوِّن الاسم كان مُطوَّلًا، و «لا» عاملةٌ، وقد تقرَّر أنَّها عند العمل ناصَّةٌ على الاستغراق، قلت (٤): خصَّ بعضهم الاستغراق بحالة البناء من جهة تضمُّن معنى «من» الاستغراقيَّة، ولو سُلِّم ما قلته لم يتعيَّن عملها في هذا الاسم المنصوب حتَّى يكون النَّصُّ على الاستغراق (٥) حاصلًا لاحتمال أن يكون منصوبًا بفعلٍ محذوفٍ، أي: لا نجد ولا نرى مانعًا ولا معطيًا، فعدل إلى (٦) البناء لسلامته من هذا الاحتمال. انتهى. (وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ) بفتح الجيم فيهما، أي: لا ينفع ذا الغنى عندك غناه، إنَّما ينفعه العمل الصَّالح، فـ «من» في «منك» بمعنى البدل كقوله تعالى:


(١) «في ذلك مجرى المضاف كما أجري»: ليس في (م).
(٢) «الحديث»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٣) في (م): «في خشية».
(٤) أي الدماميني والكلام ما يزال له.
(٥) قوله: «قلت: خصَّ بعضهم الاستغراق بحالة البناء … حتَّى يكون النَّصُّ على الاستغراق» بياضٌ في (م).
(٦) زيد في (م): «هذا».

<<  <  ج: ص:  >  >>