للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

موسى، وبه قال جماعةٌ منهم: ابنُ العربيِّ والقرطبيُّ، وقال هو نصٌّ في موضع الخلاف، فلا يُلتفَت إلى غيره، وجزم في «الرَّوضة» بأنَّه الصَّواب، ورجَّحه بعضهم أيضًا (١) بكونه مرفوعًا صريحًا، وبأنَّه في أحد «الصَّحيحين»، وتُعقِّب بأنَّ التَّرجيح بما فيهما أو في أحدهما، إنَّما هو حيث لم يكن ممَّا انتقده الحفَّاظ، وهذا قد انتُقِد لأنَّه أُعِلَّ بالانقطاع والاضطراب لأنَّ مَخْرَمَةَ بن بُكَيْرٍ لم يسمع من أبيه، قاله أحمد عن حمَّاد بن خالدٍ عن مخرمة نفسه، وقد رواه أبو إسحاق وواصلٌ الأحدب ومعاوية بن قرَّة وغيرهم عن أبي بردة من قوله، وهؤلاء من الكوفة، وأبو بردة منها أيضًا، فهو أعلم بحديثه من بُكَيْرٍ المدنيِّ، وهم عددٌ، وهو واحدٌ، ورجَّح آخرون -كأحمد وإسحاق- قول ابن سَلَامٍ، واختاره ابن الزَّملكانيِّ، وحكاه عن نصِّ الشَّافعيِّ ميلًا إلى أنَّ هذه رحمةٌ من الله تعالى للقائمين بحقِّ هذا اليوم، فأوان إرسالها عند الفراغ من تمام العمل، وقِيلَ في تعيينها غيرُ ذلك، ممَّا يبلغ نحو الأربعين، أضربتُ عنها خوف الإطالة، لا سيَّما وليست كلُّها متغايرةً، بل كثيرٌ منها يمكن اتِّحاده مع غيره، وما عدا القولين المذكورين موافقٌ لهما، أو لأحدهما، أو ضعيف الإسناد، أو موقوفٌ، استند قائله إلى اجتهادٍ دون توقيفٍ، وحقيقة السَّاعة المذكورة: جزءٌ من الزَّمان مخصوصٌ، وتُطلَق على جزءٍ من اثني عشر من مجموع النَّهار، أو على جزءٍ مّا غيرِ مُقدَّرٍ من الزَّمان فلا يتحقَّق، أو على الوقت الحاضر، ووقع في حديث جابرٍ المرويِّ عند أبي داود وغيره مرفوعًا بإسنادٍ حسنٍ ما يدلُّ للأوَّل، ولفظه: «يوم الجمعة ثِنْتا عشْرة ساعةً، فيها (٢) ساعة … » إلى آخره. (لَا يُوَافِقُهَا) أي: لا يصادفها (عَبْدٌ مُسْلِمٌ) قصدها أو اتَّفق له وقوع الدُّعاء فيها (وَهْوَ قَائِمٌ) جملةٌ اسميَّةٌ حاليَّةٌ (يُصَلِّي) جملةٌ فعليَّةٌ حاليَّةٌ، والجملة الأولى خرجت مخرج الغالب لأنَّ الغالب في المصلِّي أن يكون قائمًا، فلا يُعمَل بمفهومها، وهو أنَّه (٣) إن لم يكن قائمًا لا يكون له هذا الحكم، أو المرادُ بالصَّلاة انتظارُها، أو الدُّعاء، وبالقيام: الملازمة والمواظبة، لا حقيقة القيام لأنَّ منتظر الصَّلاة في حكم


(١) «أيضًا»: ليس في (د).
(٢) في غير (د): «فيه»، والمثبت موافقٌ لما في كتب الحديث.
(٣) «أنَّه»: ليس في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>