للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فُرِضت ركعتين في أوَّل أزمنة فرضها، فهو ظرفٌ للخبر المُقَدَّر، و «ما»: مصدريَّة، والمضاف محذوفٌ كما تقرَّر، ولغير أبوي ذرٍّ والوقت والأَصيليِّ: «ركعتين» بالياء نصبٌ على الحال السادِّ مسدَّ الخبر، وللكُشْمِيْهَنِيِّ -كما في «الفرع»، ولم يعرفها صاحب «المصابيح» -: «الصَّلوات» بالجمع، واستشكلها (١) من حيث اقتصار عائشة معها على قولها: «ركعتين»؛ لوجوب التَّكرير في مثله، وقد وُجِدَتْ في روايةِ كريمةَ، وهي من رواية الكُشْمِيْهَنِيِّ: «ركعتين ركعتين» بالتَّكرير، وحينئذٍ فزال الإشكال، ولله الحمد. (فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ) قال النَّوويُّ: أي: على جواز الإتمام (وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ الحَضَرِ) على سبيل التَّحتُّم، وقد استدلَّ بظاهره الحنفيَّة على عدم جواز الإتمام في السَّفر على أنَّ القصر عزيمةٌ لا رُخصةٌ، ورُدَّ بقوله تعالى: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١] لأنَّه يدلُّ على أنَّ الأصل الإتمام لأنَّ القصر إنَّما يكون عن تمامٍ سابقٍ، ونفيُ الجُناح (٢) يدلُّ على جوازه دون وجوبه، فإن قلتَ: فما الجواب عن تقييد الآية بالخوف؟ أجيب بأنَّها وإن دلَّت بمفهوم المُخالفة (٣) على أنَّه لا يجوز القصر في غير حالة الخوف، لكن من شرط مفهوم المخالفة إن لم يخرج مَخرَج الأغلب فلا اعتبار بذلك الشَّرط كما في الآية فإنَّ الغالب من أحوال المسافرين (٤) الخوف. انتهى. وقال البيضاويُّ: شريطة (٥) باعتبار الغالب في ذلك الوقت ولذلك لم يعتبر مفهومها، وقد تظاهرت السُّنن على جوازه أيضًا في حال الأمن، أي: في السَّفر، ولا حاجة في القصر (٦) إلى تأويل الآية كما أَوَّلَه الحنفيَّةُ نُصرَةً لمذهبهم بأنَّهم ألِفوا الأربع، فكان مَظِنَّةً لأن يخطر ببالهم أنَّ عليهم نقصانًا في القصر، فسُمِّي الإتيان بها قصرًا على ظنِّهم، ونُفِيَ الجُناح فيه لتطييب أنفسهم بالقصر، قاله البيضاويُّ. ورأيته في بعض شروح «الهداية»، ويؤيِّد القول بالرُّخصة حديثُ: «صدقةٌ تصدَّق الله بها عليكم» لأنَّ الواجب لا يُسمى رُخْصَةً، وقولُ عائشة المرويُّ عند البيهقيِّ بإسنادٍ صحيحٍ: يا رسول الله،


(١) في (ص): «استشكل».
(٢) في (د) و (م): «الحرج». وهو المثبت في (ج) وأشار إلى ما في المتن في الحاشية.
(٣) في (ج): مفهوم المبالغة.
(٤) في (د): «المسافر».
(٥) في (د) و (م): «شرطه».
(٦) «في القصر»: ليس في (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>