للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَصَرْتَ وأَتْمَمْتُ، وأَفطرتَ وصُمْتُ، قال: «أحسنتِ يا عائشة»، وحديث الباب من قولها غير مرفوعٍ، فلا يُستَدَلُّ به، كما أنَّها لم تشهد زمان (١) فرض الصَّلاة، وتُعُقِّبَ بأنَّه ممَّا لا مجال للرَّأي فيه فله حكم الرفع، ولئن سلَّمنا أنَّها لم تشهد فرض الصَّلاة، لكنَّه مرسلُ صحابيٍّ، وهو حُجَّةٌ لاحتمال أخذها له عنه ، أو عن أحدٍ من أصحابه ممَّن أدرك ذلك، وأجاب في «الفتح»: بأنَّ الصَّلواتِ فُرِضت ليلةَ الإسراء ركعتين ركعتين إلَّا المغرب، ثم زيدت بعد الهجرة عقب الهجرة إلَّا الصُّبح، كما روي من طريق الشَّعبيِّ عن مسروقٍ عن عائشة قالت: «فُرِضَتْ صلاة الحَضَر والسَّفر ركعتين ركعتين، فلمَّا قدم رسول الله المدينة (٢) واطمأنَّ، زِيْدَ في صلاة الحضر ركعتان ركعتان، وتُرِكَتْ صلاة الفجر لطول القراءة فيها، وصلاة المغرب لأنَّها وتر النهار» رواه ابنا خُزيمة وحِبَّان وغيرهما، ثمَّ بعد أن استقرَّ فرض الرُّباعيَّة خُفِّف منها في السَّفر عند نزول قوله تعالى: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١]، وبهذا تجتمع الأدلة، ويؤيِّده أنَّ في «شرح المسند»: أنَّ قصر الصَّلاة كان في السَّنة الرَّابعة من الهجرة. (قَالَ) ابن شهابٍ (الزُّهْرِيُّ: فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ) بن الزُّبير: (مَا) ولأبوي ذرٍّ والوقت والأَصيليِّ: «فما» (بَالُ عَائِشَةَ) (تُتِمُّ) -بضمِّ أوَّله- الصَّلاة؟ (قَالَ: تَأَوَّلَتْ مَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ) بن عفَّان من جواز القصر والإتمام، فأخذ بأحد الجائزين وهو الإتمام، أو أنَّه كان يرى القصر مُختصًّا بمن كان سائرًا، وأمَّا من أقام في مكانٍ في أثناء سفره فله حُكم المقيم فيتمُّ فيه، والحجَّة فيه ما رواه أحمد بإسنادٍ حسنٍ عن عبَّاد بن عبد الله بن الزبير قال: لمَّا قدم علينا معاوية حاجًّا صلَّى بنا الظُّهر ركعتين بمكَّة، ثمَّ انصرف إلى دار النَّدوة، فدخل عليه مروان وعمرو بن عثمان فقالا: لقد عِبْتَ أمر ابن عمِّك لأنَّه كان قد أتمَّ الصَّلاة، قال: وكان عثمان حيث أتمَّ الصَّلاة إذا قدم مكَّة يُصلِّي بها الظُّهر والعصر والعشاء أربعًا أربعًا، ثم إذا خرج إلى منًى وعرفة قَصَرَ الصَّلاة، فإذا فرغ من الحجِّ، وأقام بمنًى أتمَّ الصَّلاة، وهذا القولُ رجَّحَه في «الفتح» (٣) لتصريح الرَّاوي بالسَّبب، وقيل غير ذلك ممَّا يطول ذكرُه.


(١) «زمان»: سقط من (د).
(٢) «المدينة»: ليس في (د).
(٣) في (د) و (ص): «رجَّحه النَّووي».

<<  <  ج: ص:  >  >>