للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استنار منهما (١) واستضاء فبقدرتك وجُودِك (٢)، والأجرام النَّيِّرة بدائع فطرتك، والعقل والحواسُّ خلقُك وعطيَّتك، قيل: وسمِّي بالنُّور لِمَا اختصَّ به من إشراق الجلال، وسُبُحات العظمة الَّتي تضمحلُّ الأنوار دونها، ولما هَيَّأ للعالم من النُّور؛ ليهتدوا به في عالم الخلق، فهذا الاسم على هذا المعنى لا استحقاق لغيره فيه (٣)، بل هو المستحقُّ له المدعوُّ به ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: ١٨٠] وزاد في رواية أبوي ذرٍّ والوقت والأَصيليِّ: «ومن فيهنَّ» (وَلَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) كذا للحَمُّويي والمُستملي، وفي رواية الكُشْمِيْهَنِيِّ: «لك ملك السَّموات والأرض» والأوَّل أشبه بالسِّياق (وَلَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ الحَقُّ) المتحقِّقُ وجودُه، وكلُّ شيءٍ ثبت وجوده وتحقَّق فهو حقٌّ، وهذا الوصف للرَّبِّ بالحقيقة والخصوصيَّة لا ينبغي لغيره؛ إذ وجوده بذاته لم يسبقه عدم، ولا يلحقه عدم، ومن عداه ممَّن يقال فيه ذلك فهو بخلافه (وَوَعْدُكَ الحَقُّ) الثَّابت المتحقِّق، فلا (٤) يدخله خُلْفٌ ولا شكٌّ في وقوعه وتحقُّقه (وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ) أي: رؤيتك في الدَّار الآخرة حيث لا مانع، أو لقاءُ جزائك لأهل السَّعادة والشَّقاوة، وهو داخلٌ فيما قبله، فهو من عطف الخاصِّ على العامِّ، وقيل: «ولقاؤك حقٌّ» أي: الموت، وأبطله النَّوويُّ (وَقَوْلُكَ حَقٌّ) أي: مدلوله ثابتٌ (وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ) أي: كلٌّ منهما موجودٌ (وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ) أي: يوم القيامة، وأصل السَّاعة: الجزء القليل من اليوم أو اللَّيلة، ثمَّ استُعير للوقت الَّذي (٥) تُقام فيه القيامة، يريد أنَّها ساعةٌ خفيفةٌ يحدث فيها أمرٌ عظيمٌ، وتكرير الحمد للاهتمام بشأنه (٦)، وليناط به كلَّ مرَّة معنًى آخَرُ، وفي تقديم الجارِّ والمجرور إفادة التَّخصيص، وكأنَّه لمَّا خصَّ الحمد بالله؛ قيل: لمَ خصصتني بالحمد؟ قال: لأنَّك أنت الَّذي تقوم بحفظ المخلوقات …


(١) في (ص) و (م): «منها» وكذا في «الميسر في شرح المصابيح للتوربشتي».
(٢) في (م): «وجودُه».
(٣) «فيه»: ليس في (ص).
(٤) في (ص) و (م): «فما».
(٥) «الذي»: سقط من (ص) و (م).
(٦) في (س) و (م): «لشأنه».

<<  <  ج: ص:  >  >>