للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حجبنا (١) الحسَّ أن يَلِجَ في آذانهم فينتبهوا؛ فالمراد: تثقيله في النَّوم وإطالته، فكأنَّه قد شدَّ عليه شدادًا، وعَقدَه (٢) ثلاث عُقَد، والتَّقييد بالثلاث: إمَّا للتَّأكيد، أو أنَّ الَّذي ينحلُّ به عقده ثلاثةٌ: الذِّكر، والوضوء، والصَّلاة، كما أشار إليه بقوله: (فَإِنِ اسْتَيْقَظَ) من نومه (فَذَكَرَ اللهَ) بكلِّ ما صدق عليه الذِّكر؛ كتلاوة القرآن، وقراءة الحديث، والاشتغال بالعلم الشَّرعيِّ (انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ) واحدةٌ من الثَّلاث (فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ) أخرى ثانيةٌ (فَإِنْ صَلَّى) الفريضة أو النَّافلة (انْحَلَّتْ عُقَدُهُ) الثَّلاث كلُّها، وظاهره: أنَّ العُقَدَ كلَّها تنحلُّ بالصَّلاة خاصَّةً، وهو كذلك في حقِّ من لم يحتج إلى الطَّهارة؛ كمن نام متمكِّنًا مثلًا ثمَّ انتبه فصلَّى من قبل أن يذكر أو يتطهَّر؛ لأنَّ الصَّلاة تستلزم الطَّهارة، وتتضمَّن الذِّكر، وقوله: «عقده» ضبطها في «اليونينيَّة» بلفظ الجمع والإفراد كما ترى. قال ابن قرقول في «مطالعه» كعياض في «مشارقه»: اختلف في الآخرة منها فقط، فوقع في «الموطَّأ» لابن وضَّاح على الجمع، وكذا ضبطناه في «البخاريِّ»، وكلاهما -يعني: الجمع والإفراد- صحيحٌ، والجمع أوجه، لا سيَّما وقد جاء في رواية مسلمٍ: في الأولى: «عقدة»، وفي الثَّانية: «عقدتان»، وفي الثَّالثة: «العقد». انتهى. فقد تبيَّن أنَّ قول من قال: «إنَّه في «اليونينيَّة» بلفظ الجمع مع نصب الدَّال، ناشئٌ (٣) عن عدم تأمُّله لِما في «اليونينيَّة»، ولعلَّه لم يقف على «اليونينيَّة» نفسها، بل على ما هو مقابَلٌ عليها أو مكتوبٌ منها، وخفي على الكاتب أو المقابِل ذلك؛ لدقَّة ذلك؛ كمواضع فيها مُحيت لا تُدرك إلَّا بالتَّأمُّل التَّام، ويؤيِّد ما قلتُه قول القاضي السَّابق فتأمَّله، وأمَّا تخريج النَّصب على الاختصاص أو غيره؛ فلا يُصار إليه إلَّا عند ثبوت الرِّواية، ولا أعرفه، ومن ادَّعى أنَّ النَّصب مع الجمع رواية فعليه البيان. وقوله (٤): (فَأَصْبَحَ نَشِيطًا) أي: لسروره لِما (٥) وفَّقه الله له من الطَّاعة، وما وُعِد به من الثَّواب، وما زال عنه من عُقَد الشَّيطان (طَيِّبَ النَّفْسِ) لما بارك الله له في نفسه من هذا التَّصرُّف الحسن، كذا قيل، قال في «الفتح»: والظَّاهر: أنَّ في صلاة اللَّيل سرًّا في طيب النَّفس وإن لم يستحضر المصلِّي شيئًا ممَّا ذُكِر (وَإِلَّا) بأن ترك الذِّكر والوضوء والصَّلاة (أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ)


(١) في (ص) و (م): «حجب».
(٢) في غير (ص) و (م): «عقد عليه».
(٣) «ناشئ»: مثبتٌ من (د) و (س).
(٤) قوله: «وقوله: عقده ضبطها في «اليونينيَّة» … النَّصب مع الجمع رواية؛ فعليه البيان. وقوله»، سقط من (م).
(٥) في (س): «بما»، كذا في «الفتح».

<<  <  ج: ص:  >  >>