للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بتركه ما كان اعتاده أو قصده من فعل الخير، ووصف النَّفس بالخبث -وإن كان وقع النَّهيُ عنه في قوله [خ¦٦١٧٩]: «لا يقولنَّ أحدُكم: خبُثت نفسي» - للتَّنفير والتَّحذير، أو النَّهي لمن يقول ذلك، وهنا إنَّما أخبر عنه بأنَّه كذلك، فلا تضادَّ. (كَسْلَانَ) لبقاء أثر تثبيط الشَّيطان، ولشؤم تفريطه، وظفر الشَّيطان به بتفويته الحظَّ الأوفر من قيام اللَّيل، فلا يكاد تَخِفُّ عليه صلاةٌ ولا غيرها من القربات، و «كسلان»: غير منصرفٍ للوصف وزيادة الألف والنُّون، مذكَّر «كسلى»، ومقتضى قوله: «وإلَّا أصبح» أنَّه إن (١) لم يجمع الأمور الثَّلاثة دخل تحت من يُصبح خبيثًا كسلان وإن أتى ببعضها، لكن يختلف ذلك بالقوَّة والخفَّة، فمن ذكر الله مثلًا كان في ذلك أخفَّ ممَّن لم يذكر أصلًا، وهذا الذَّمُّ مختصٌّ بمن لم يقم إلى الصَّلاة (٢) وضيَّعها، أمَّا من كانت له عادةٌ فغلبته عينه؛ فقد ثبت أنَّ الله يكتب له أجر صلاته ونومُه عليه صدقة، ولا يبعد أن يجيء مثل ما ذُكِرَ في نوم النَّهار؛ كالنَّوم حالة الإبراد مثلًا، ولا سيَّما على تفسير البخاريِّ من أنَّ المراد بالحديث: الصَّلاة المفروضة (٣)، قاله في «الفتح»، فإن قلت: الحديث مُطلَقٌ، يدلُّ على عقده رأس جميع المكلَّفين؛ من صلَّى ومن لم يصلِّ، وإنَّما تنحلُّ عمَّن أتى بالثَّلاث، والتَّرجمة مقيَّدةٌ برأس من لم يصلِّ، فما وجه المطابقة؟ أجيب بأنَّ مراده: أنَّ استدامة العقد إنَّما تكون على من (٤) ترك الصَّلاة، وجُعِل من صلَّى وانحلَّت عقده كمن لم يُعقَد عليه؛ لزوال أثره، قاله المازريُّ، وقوله في التَّرجمة: «إذا لم يصلِّ» أعمُّ من ألَّا يصلِّي العشاء أو غيرها من صلاة اللَّيل، ولا قرينة للتَّقييد بالعشاء، وظاهر الحديث يدلُّ على أنَّ العقد يكون عند النَّوم، سواء صلَّى قبله أم (٥) لم يصلِّ، قاله في «عمدة القاري»، رادًّا على صاحب «الفتح» حيث قال: ويحتمل أن تكون الصَّلاة المنفيَّة في التَّرجمة صلاة العشاء، فيكون التَّقدير: إذا لم يصلِّ العشاء، فكأنَّه يرى أنَّ الشَّيطان إنَّما يفعل ذلك بمن نام قبل صلاة العشاء، بخلاف من صلَّاها لا سيَّما في الجماعة؛ فإنَّه كمن قام اللَّيل في حَلِّ عُقَد الشيطان.

وهذا الحديث أخرجه أبو داود.


(١) في (د): «لو».
(٢) في غير (ص) و (م): «صلاته»، كذا في «الفتح».
(٣) «المفروضة»: سقط من (م).
(٤) «من»: ليس في (ص) و (م).
(٥) في غير (ب): «أو».

<<  <  ج: ص:  >  >>