للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجلِّ القُرَب (١) الموصلة إلى ذي الجلال، وأنَّ مشروعيَّتها محلُّ إجماعٍ بلا نزاعٍ. انتهى. فشدُّ الرِّحال (٢) للزِّيارة أو نحوها؛ كطلب علمٍ ليس إلى المكان، بل إلى مَن فيه، وقد التبس ذلك على بعضهم، كما قاله المحقِّق التَّقيُّ السبكيُّ، فزعم أنَّ شدَّ الرِّحال (٣) إلى الزِّيارة في غير الثَّلاثة داخلٌ في المنع، وهو خطأٌ؛ لأنَّ الاستثناء -كما مرَّ- إنَّما يكون من جنس المستثنى منه؛ كما إذا قلت: ما رأيت إلَّا زيدًا، كان تقديره: ما رأيت رجلًا واحدًا إلَّا زيدًا، لا ما رأيت شيئًا أو حيوانًا إلَّا زيدًا، وقد استدلَّ بالحديث: على أنَّ من نذر إتيان أحد هذه المساجد لزمه ذلك، وبه قال مالكٌ وأحمد والشَّافعيُّ في «البويطيِّ»، واختاره أبو إسحاق المروزيُّ، وقال أبو حنيفة: لا يجب مطلقًا، وقال الشَّافعيُّ في «الأمِّ»: يجب في المسجد الحرام لتعلُّق النُّسُكِ به، بخلاف المسجدين الآخرين (٤)، وهذا هو المنصوص لأصحابه، واستدلَّ به أيضًا: على أنَّ من نذر إتيان غير هذه الثَّلاثة لصلاةٍ أو غيرها لا يلزمه؛ لأنَّه لا فضل لبعضها على بعضٍ، فتكفي صلاته في أيِّ مسجدٍ كان، قال النَّوويُّ: لا اختلاف (٥) فيه إلَّا ما رُوِيَ عن اللَّيث أنَّه قال: يجب الوفاء به، وعن الحنابلة روايةٌ: أنَّه يلزمه كفَّارة يمينٍ، ولا ينعقد نذره، وعن المالكيَّة


(١) «وأجلِّ القرب»: سقط من (ص).
(٢) في (م): «الرَّحل».
(٣) في (م): «الرَّحل».
(٤) في (د): «الأخيرين».
(٥) زيد في (د): «ما».

<<  <  ج: ص:  >  >>