للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المعنى، ويدلُّ لذلك قوله في بعض طرقه: «إنَّما يسافر … » أخرجه مسلمٌ، والنَّفي هنا بمعنى النَّهي، أي: لا تُشَدُّ الرِّحال إلى مسجدٍ للصَّلاة فيه (إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدُِ الحَرَامِ) بمكَّة، بخفض دال «المسجدِ» بدلٌ من «ثلاثة»، أو بالرَّفع خبر مبتدأ محذوفٍ، أي: هي المسجد الحرام، والتَّاليان عطفٌ عليه، والمراد هنا بـ «المسجد الحرام»: أرضُ الحرم كلّها، قيل لعطاء فيما رواه الطَّيالسيُّ: هذا الفضل في المسجد وحده أو في الحرم؟ قال: بل في الحرم؛ لأنَّه كلُّه مسجدٌ (وَمَسْجِدُِ الرَّسُولِ) محمَّدٍ () بطَيْبَة، عبَّر به دون: مسجدي؛ للتَّعظيم، أو هو من تصرُّف الرُّواة، وروى أحمد بإسنادٍ رواتُه رواة الصَّحيح (١) من حديث أنسٍ رفعه: «مَن صلَّى في مسجدي أربعين صلاةً لا تفوته صلاةٌ كُتِبَ (٢) له براءةٌ من النَّار، وبراءةٌ من العذاب، وبراءةٌ من النِّفاق» (وَمَسْجِدِ الأَقْصَى) بيت (٣) المقدس، وهو من إضافة الموصوف إلى الصِّفة عند الكوفيِّين، والبصريُّون يؤوِّلونه بإضمار المكان، أي: ومسجد المكان الأقصى، وسُمِّي به لبعده عن مسجد مكَّة في المسافة، أو لأنَّه لم يكن وراءه مسجدٌ، وقد بَطَلَ بما مرَّ من التَّقدير -بـ: لا تُشَدُّ الرِّحال إلى مسجدٍ للصَّلاة فيه، المعتضدِ بحديث أبي سعيدٍ المرويِّ في «مسند أحمد» بإسنادٍ حسنٍ مرفوعًا: «لا ينبغي للمطيِّ (٤) أن تُشدَّ رحاله إلى مسجدٍ تُبتَغى (٥) فيه الصَّلاة غير المسجد الحرام، والأقصى، ومسجدي هذا» - قولُ ابنِ تيمية، حيث مَنَعَ من زيارةِ قبر (٦) النَّبيِّ ، وهو من أبشع (٧) المسائل المنقولة عنه، وقد أجاب عنه المحقِّقون من أصحابه أنَّه كَرِه اللَّفظ أدبًا، لا أصل الزِّيارة، فإنَّها من أفضل الأعمال،


(١) في سنده: نبيط بن عمر، ليس من رجال الصحيحين وفيه جهالة. انظر المسند (١٢٥٨٣).
(٢) في (ب) و (س): «كتبت»، وكذا في المسند.
(٣) في (د) و (م): «ببيت».
(٤) في (د): «المصلِّي».
(٥) في (د): «يُبتغى»، كذا في المسند.
(٦) «قبر»: مثبتٌ من (د) و (س).
(٧) في (د): «أشنع».

<<  <  ج: ص:  >  >>