للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد صحَّ أنَّ البخاريَّ تبرَّأ من هذا الإطلاق، فقال: كلُّ من نقل عنِّي أنِّي قلت: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فقد كذب عليَّ، وإنمَّا قلت: أفعال العباد مخلوقةٌ. أخرج ذلك غنجار في ترجمة البخاريِّ بسندٍ صحيحٍ إلى محمَّد بن نصرٍ المروزيِّ الإمام المشهور، أنَّه سمع البخاريَّ يقول ذلك.

وقال أبو حامدٍ الشَّرقيُّ: سمعت الذُّهليَّ يقول: القرآن كلام الله غير مخلوقٍ، ومن زعم: لفظي بالقرآن مخلوقٌ فهو مبتدعٌ، لا يجلس إلينا، ولا نكلِّم من يذهب بعد هذا إلى محمَّد بن إسماعيل، فانقطع النَّاس عن البخاريِّ إلَّا مسلم بن الحجَّاج وأحمد بن سلمة، وبعث مسلمٌ إلى الذُّهليِّ جميع ما كان كَتَبَ عنه على ظهر حمَّال (١)، وقال الذُّهليُّ: لا يساكنني محمَّد بن إسماعيل في البلد، فخشيَ البخاريُّ على نفسه، وسافر منها.

قال في «المصابيح»: ومن تمام رسوخ البخاريِّ في الورع أنَّه كان يحلف بعد هذه المحنة أنَّ الحامدَ عنده والذامَّ من النَّاس سواءٌ؛ يريد أنَّه لا يكره ذامَّه طبعًا، ويجوز أن يكرهه شرعًا، فيقوم بالحقِّ لا بالخطِّ، وتحقَّق ذلك من حالته إذْ لم يَمْحُ اسمَ (٢) الذُّهليِّ من «جامعه»، بل أثبت روايته عنه، غير أنَّه لم يوجد في كتابه إِلَّا على أحد وجهين؛ إمَّا أن يقول: حدَّثنا محمَّد ويقتصر، وإمَّا أن يقول: حدَّثنا محمَّد (٣) بن خالدٍ، فينسبه إلى جدِّ أبيه. وقد سُئِلَ عن وجه


(١) في (ص): «جمال».
(٢) «اسم»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٣) سقط من (ص) من قوله: «محمَّد ويقتصر، وإمَّا أن يقول: حدَّثنا محمَّد».

<<  <  ج: ص:  >  >>