للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مبنيًّا للمفعول، و «ملكُ» رفعٌ نائبٌ عن الفاعل، أي: أرسل الله ملك الموت (إِلَى مُوسَى في صورة آدميٍّ اختبارًا وابتلاء، كابتلاء الخليل بالأمر بذبح ولده (فَلَمَّا جَاءَهُ) ظنَّه آدميًّا حقيقةً تسوَّر عليه منزلَه بغير إذنه ليوقِع به مكروهًا، فلمَّا تصوَّر ذلك صلوات الله وسلامه عليه (صَكَّهُ) بالصَّاد المهملة، أي: لطمه على عينه الَّتي ركبت في الصُّورة البشريَّة الَّتي جاءه فيها، دون الصُّورة الملكيَّة، ففقأها -كما صرَّح به مسلمٌ في روايته- ويدلُّ عليه قوله الآتي هنا: «فردَّ الله ﷿ عليه عينه»، ويحتمل أنَّ موسى علم أنَّه ملك الموت، وأنَّه دافع عن نفسه الموت باللَّطمة المذكورة، والأوَّل أَولى، ويؤيِّده أنَّه جاء إلى قبضه ولم يخيِّره، وقد كان موسى علم أنَّه لا يُقبض حتَّى يُخَيَّر، ولهذا لمَّا خيَّره (١) في الثَّانية قال: الآن (فَرَجَعَ) ملك الموت (إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ): ربِّ (أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ المَوْتَ، فَرَدَّ اللهُ) ﷿ (عَلَيْهِ عَيْنَهُ) ليعلم موسى إذا رأى صحَّة عينه أنَّه من عند الله، ولأبي ذَرٍّ: «فيردُّ الله» بلفظ المضارع «إليه عينه» بالهمزة قبل اللَّام بدل العين (وَقَالَ) له: (ارْجِعْ) إلى موسى (فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ) بالمثنَّاة الفوقيَّة في الأولى، وبالمثلَّثة في الثَّانية، أي: على (٢) ظهر ثورٍ (فَلَهُ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ بِهِ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ، قَالَ) موسى: (أَيْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا) أي: ماذا (٣) يكون بعد هذه السِّنين (قَالَ) الله تعالى: (ثُمَّ) يكون بعدها (المَوْتُ، قَالَ) موسى: (فَالآنَ) يكون الموت، و «الآن» اسمٌ لزمان الحال، وهو الزَّمان الفاصل بين الماضي والمستقبل، واختار موسى الموت لمَّا خُيِّر شوقًا إلى لقاء ربِّه كنبيِّنا لمَّا قال: «الرَّفيق الأعلى» [خ¦٣٦٦٩] (فَسَأَلَ اللهَ) موسى (أَنْ يُدْنِيَهُ) أي: يقرِّبه (مِنَ الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ) أي: المطهَّرة، و «أَنْ» مصدريَّةٌ في موضع نصبٍ، أي: سأل الله الدُّنوَّ من بيت المقدس؛ ليُدفَن فيه (رَمْيَةً بِحَجَرٍ) أي: دُنُوًّا، لو


(١) في (ب): «خبَّره»، وفي (ص) و (م): «أخبره».
(٢) «على»: مثبتٌ من (د) و (س).
(٣) «أي: ماذا»: ليس في (د)، وفي (م): «ما».

<<  <  ج: ص:  >  >>