للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رمى رامٍ حجرًا من ذلك الموضع الَّذي هو موضع قبره؛ لوصل إلى بيت المقدس، وكان موسى إذ ذاك في التِّيه ومعه بنو إسرائيل، وكان أمرهم بالدُّخول إلى الأرض المقدَّسة فامتنعوا، فحرَّم الله (١) عليهم دخولها أبدًا غير يوشع وكالب، وتيَّههم في القفار أربعين سنةً في ستَّة فراسخ وهم ستُّ مئة ألف مقاتلٍ، وكانوا يسيرون كلَّ يومٍ جادِّين، فإذا أمسوا كانوا في الموضع الَّذي ارتحلوا عنه، إلى أن أفناهم الموت، ولم يدخل منهم (٢) الأرض المقدَّسة أحدٌ ممَّن امتنع أوَّلًا أن يدخلها إلَّا أولادهم مع يوشع، ولمَّا لم يتهيَّأ لموسى دخول الأرض (٣) لغلبة الجبارين عليها، ولا يمكن نبشه بعد ذلك؛ لينقل (٤) إليها؛ طلب القرب (٥) منها؛ لأنَّ ما قارب الشَّيء يُعطَى (٦) حكمه، وقيل: إنَّما طلب موسى الدُّنوَّ؛ لأنَّ النَّبيَّ يُدفَن حيث يموت، وعُورِضَ بأنَّ موسى قد نقل يوسف لمَّا خرج من مصر، وأُجِيبَ بأنَّه إنَّما نقله بوحي، فتكون خصوصيَّةً له (٧)، وإنَّما لم يسأل نفس بيت المقدس؛ ليُعَمَّى (٨) قبره خوفًا من أن (٩) يعبده جهَّال ملَّته، قال ابن عبَّاسٍ: لو علمت اليهود قبر موسى وهارون؛ لاتخذوهما إلهين من دون الله، وقد اختُلِفَ في جواز نقل الميِّت، ومذهب الشَّافعيَّة: يحرم نقله من بلدٍ إلى بلدٍ آخر؛ ليدفن فيه وإن لم يتغيَّر؛ لما فيه من تأخير دفنه المأمور بتعجيله، وتعريضه لهتك حرمته، إلَّا أن يكون بقرب مكَّة أو المدينة أو بيت المقدس، فيختار أن ينقل إليه لفضل الدَّفن فيها،


(١) اسم الجلالة «الله»: ليس في (د).
(٢) في (م): «معهم».
(٣) في (ص) و (م): «دخولها»، وزيد في (ب): «المقدَّسة».
(٤) في (د): «لينتقل»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
(٥) في (د): «التَّقرب».
(٦) في (ص) و (م): «أُعطِي».
(٧) قوله: «وقيل: إنَّما طلب موسى الدُّنوَّ؛ لأنَّ النَّبيَّ … نقله بوحي، فتكون خصوصيَّةً له»، سقط من (ص) و (م).
(٨) في (د): «لِيُعميَ».
(٩) في (د): «لئلَّا».

<<  <  ج: ص:  >  >>